للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجموع على معناها، كقولك: جاءنى من أكرمته ولهم عليّ حقّ، ومثله فى التنزيل: {مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} (١) وكذلك يعاد إليها ضمير مذكّر، حملا على لفظها، ثم يعاد بعده ضمير مؤنّث حملا على المعنى، كما جاء فى التنزيل: {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ} (٢) وقال: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها} (٣) وكذلك حكم الإفراد والتثنية، تقول:

أكرمت من أكرمته وأجزلت عطاءهما.

والقسم الرابع: أن تكون «من» نكرة بمعنى إنسان أو ناس، وتلزمها الصّفة بمفرد أو بجملة، قال عمرو بن قميئة (٤):

يا ربّ من يبغض أذوادنا ... رحن على بغضائه واغتدين


(١) سورة البقرة ٦٢.
(٢) سورة الأحزاب ٣٠. وقوله تعالى: مُبَيِّنَةٍ ضبط فى ط-وهى نسخة المؤلف-بفتح الياء. وهى قراءة ابن كثير، وأبى بكر عن عاصم. راجع السبعة ص ٢٣٠، والكشف ١/ ٣٨٣، عند الآية ١٩ من سورة النساء. قلت: وابن كثير يقرأ: «نضعّف لها العذاب» بالنون والتشديد وكسر العين ونصب «العذاب». انظر الكشف ٢/ ١٩٦.
(٣) سورة الأحزاب ٣١.
(٤) ديوانه ص ١٩٦، وتخريجه فيه. والأزهية ص ١٠٢، والأصول ٢/ ٣٢٥، والبغداديات ص ٥٦٦، والتبصرة ص ٢٨٩، والصاهل والشاحج ص ٤٦٥، والبرصان والعرجان ص ٤٩٣. ونسبه أبو تمام فى الوحشيات ص ٩ لعمرو بن لأى التّيمىّ، من أشراف بكر بن وائل فى الجاهليّة. وكذلك صدر الدين البصرى فى الحماسة ١/ ٢٨٠، وقد صحح شيخنا محمود محمد شاكر هذه النسبة، وردّ على من نسبه إلى عمرو بن قميئة. قال: «وهو خطأ تابعوا عليه ما جاء فى كتاب سيبويه». انظر حواشى الوحشيات. وقد ضبط شيخنا صدر البيت على هذا النحو: يا ربّ من نبغض، أذوادنا وعلّق على هذا الضبط الذى ارتضاه فى المستدرك ص ٣٠٧. والأذواد: جمع ذود، وهو القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى الثلاثين. يقول: نحن محسّدون لشرفنا وكثرة مالنا، والحاسد لا ينال منّا أكثر من إظهار البغضاء لنا لعزّنا وامتناعنا.