للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سائل فوارس يربوع بشدّتنا ... أهل رأونا بسفح القفّ ذى الأكم (١)

وكما قدّرت بها فى {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (٢) و {هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ} (٣) وإنما لم تقدّر فى البيت بقد؛ لوقوع الجملة المبتدئيّة بعدها.

/وإذا لم يجز تقديرها بقد، ولم يجز الجمع بين استفهامين، وجب حمل اجتماعهما على ما يصحّ، وفى ذلك قولان: أحدهما للكوفيّين، وهو أنهم يحكمون على «أم» المنقطعة بأنها تكون بمعنى «بل» مجرّدة من الاستفهام، فالتقدير على هذا: بل هل كبير بكى؟ والبصريّون مجمعون على أنها لا تكون بمعنى «بل» إلاّ بتقدير همزة الاستفهام معها (٤).

والقول الآخر: أن يكون أحد الحرفين زائدا، دخوله كخروجه، وإذا حكمنا بزيادة أحدهما، فالأولى أن نحكم بزيادة «هل» لوقوعها حشوا؛ لأن الأغلب أن لا يكون الزائد أوّلا، فالتقدير: بل أكبير بكى؟

ومعنى «لم يقض عبرته»: لم ينفد ماء شئونه.

ومعنى «مشكوم» مثاب مجازى.

وأما مجىء المنقطعة بعد الهمزة فكقولك: أزيد فى الدار أم جعفر حاضر؟ فالجواب: لا، أو نعم، لأنّ المعنى: بل أجعفر حاضر؟

ووقوعها بعد الخبر، كقولك: قام أخوك أم محمد جالس؟ ومن كلامهم:

إنها لإبل أم شاء؟ كأنه رأى أشخاصا من البعد فقال متيقّنا: إنها لإبل، ثم أدركه


(١) تقدم فى المجلس السادس عشر. وانظر شعر زيد الخيل (شعراء إسلاميون) ص ٢٠٦.
(٢) أول سورة الإنسان.
(٣) أول سورة الغاشية.
(٤) راجع أسرار العربية ص ٣٠٥، والمغنى ص ٤٥، وبدائع الفوائد ١/ ٢٠٥، والتصريح ٢/ ١٤٤، والخزانة ١١/ ١٤٠، ودراسات لأسلوب القرآن الكريم ١/ ٣١٣.