للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرّوبى: الذين استثقلوا نوما، الواحد روبان، وقال بعد هذا:

وأمّا بنو عامر بالنّسار ... غداة لقوا القوم كانوا نعاما (١)

حذف الفاء من جواب «أمّا» ولا يجوز حذفها فى حال السّعة؛ إلاّ أنها قد جاءت محذوفة فى القرآن مع جملة القول، فكان حذفها أحسن من إثباتها؛ لكثرة حذف القول، وذلك فى قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ} (٢) أى فيقال لهم: أكفرتم؟ ومثل بيت بشر فى حذفها قول الآخر:

فأمّا القتال لا قتال لديكم ... ولكنّ سيرا فى عراض المواكب (٣)

والثانى من مواضع «أمّا» أن تكون أخذا فى كلام مستأنف من غير أن يتقدّمها كلام، وعلى هذا يرد ما يأتى فى أوائل الكتب، كقولك: أمّا بعد كذا، فإنّى/فعلت، وأمّا على أثر (٤) ذلك فإنّى صنعت، واستفتح أبو عليّ كتابه الذى سماه الإيضاح بقوله: «أمّا على إثر ذلك فإنّى جمعت».

فالعامل فى الظرف الذى هو «على» عند سيبويه وجميع النحويين «أمّا» لأنّها لنيابتها عن الفعل تعمل فى الظّروف خاصّة، فعلى هذا تقول: أمّا اليوم فإنى خارج، فتعمل «أمّا» فى «اليوم» ولا تعمل فيه «خارجا» لأنّ «إنّ» تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها؛ فإن قلت: أمّا اليوم فأنا خارج، جاز أن تعمل فى اليوم «أمّا» وجاز أن تعمل «خارجا»، فإن قلت: أمّا زيدا فأنا ضارب، لم يعمل فى «زيد» إلاّ ضارب؛ لأنّ «أمّا» لا تعمل فى المفعول الصريح، وإن قلت: أمّا زيدا فإنّى ضارب، فهذه غير جائزة عند جميع النحويّين إلا أبا العبّاس المبرّد، فإنه أجاز


(١) سبق هذا فى المجلس السادس والثلاثين.
(٢) سورة آل عمران ١٠٦.
(٣) فرغت منه فى المجلس المذكور.
(٤) يقال: جئت فى أثره، بفتحتين، وإثره، بكسر الهمزة والسّكون-كلّ ذلك صواب-أى تبعته عن قرب.