للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للتوكيد، فارقة بين النافية والموجبة، والمعنى: إنّ كلّ نفس لعليها حافظ، والكوفيّون يقولون فى هذا النّحو: إن نافية، واللام بمعنى «إلاّ»، وهو من الأقوال البعيدة.

والمخفّفة من الثقيلة لك فيها وجهان: إن شئت رفعت ما بعدها بالابتداء، وألزمت خبرها لام التوكيد، فقلت: إن زيد لقائم، تريد: إنّ زيدا لقائم. هذا هو الوجه؛ لأنها إنّما كانت تعمل بلفظها وفتح آخرها، على التشبيه بالفعل الماضى، فلما نقص اللفظ وسكن الآخر بطل الإعمال، فمن ذلك قول النابغة (١):

وإن مالك للمرتجى إن تقعقعت ... رحى الحرب أو دارت علىّ خطوب

وقول آخر:

إن القوم والحىّ الذى أنا منهم ... لأهل مقامات وشاء وجامل (٢)

الجامل: الجمال، وكذلك الباقر: البقر، وإنما ألزمت خبرها اللام إذا رفعت؛ لئلاّ تلتبس بالنافية لو قلت: إن زيد قائم. وإن شئت نصبت فقلت: إن زيدا قائم، وإن أخاك خارج، وتستغنى عن اللام إذا نصبت؛ لأنّ النصب قد أبان للسامع أنّ الكلام إيجاب، وإن استعملت اللام مع النصب جاز، وأنشدوا بالنصب قول الشاعر:

كليب إن الناس الذين عهدتهم

بجمهور حزوى فالرياض لدى النّخل (٣)

نصب «الناس» على نيّة تثقيل «إن»، وعلى هذا قراءة من قرأ: {وَإِنَّ}


(١) هكذا ينسبه ابن الشجرى للنابغة، متابعا الهروىّ فى الأزهية ص ٣٤، وليس فى أشعار النوابغ الثلاثة المطبوعة: الذبيانى والجعدى والشيبانى.
(٢) فى الموضع السابق من الأزهية. وشاء وجامل، أى شياه وجمال.
(٣) الأزهية ص ٣٥، واللامات لصاحب الأزهية ص ١١٤. والجمهور: الرملة المشرفة على ما حولها المجتمعة. وحزوى: اسم موضع.