للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما خفت يا سلاّم أنّك قاطعى (١)

وأشدّ من هذا مجيئها بعده فى التنزيل، فى قوله: {وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ} (٢).

والثالث من أقسام «أن»: استعمالها زائدة للتوكيد، كقولك: لمّا أن جاء زيد أكرمته، وو الله أن لو أقمت لكان خيرا لك، قال (٣):

ولمّا أن رأيت الخيل قبلا ... تبارى بالخدود شبا العوالى

القبل: جمع الأقبل، وهو الذى ينظر إلى طرف أنفه، وفى التنزيل: {فَلَمّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ} (٤).

والرابع: كون «أن» بمعنى «أى» التى للعبارة والتفسير لما قبلها، كقولك: دعوت الناس أن ارجعوا، معناه: أى ارجعوا، قال الله تعالى: {وَاِنْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ اِمْشُوا} (٥) معناه: أى امشوا، وقال: {وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ} (٦) معناه: أى طهّرا. وتكون هذه فى الأمر خاصّة، ولا تجيء إلاّ بعد كلام تامّ؛ لأنها تفسير، ولا موضع لها من الإعراب؛ لأنها حرف يعبّر به عن المعنى (٧).


(١) وهذا أيضا فرغت منه فى المجلس المذكور.
(٢) سورة الأنعام ٨١.
(٣) ليلى الأخيلية. أدب الكاتب ص ١١١، وحواشيه، والأزهية ص ٦٣. وتبارى: تعارض وتسابق. والشّبا: أطراف الأسنّة، الواحد شباة. والعوالى: جمع عالية الرمح، وهى ما دون السّنان إلى نصف القناة. وتريد أن أعناق الخيل طوال، فخدودها توازى أطراف الرّماح إذا مدّها الفرسان. شرح أدب الكاتب ص ٢٠١، والاقتضاب ص ٣٢٥.
(٤) سورة يوسف ٩٦.
(٥) الآية السادسة من سورة ص.
(٦) سورة البقرة ١٢٥.
(٧) حكاه الزركشى فى البرهان ٤/ ٢٢٦، عن ابن الشجرى، وإنما هو كلام الهروىّ فى الأزهية ص ٦٤.