للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا قد أنّثوا المذكّر على المعنى، فتذكير المؤنّث أسهل؛ لأنّ حمل الفرع على الأصل أسهل من حمل الأصل على الفرع.

وقال: «على أعقابه» فجمع فى موضع التثنية، وحقّه فى الكلام: على عقبيه، كما جاء فى التنزيل: {نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ} (١)، ولكنّهم قد جمعوا فى موضع الإفراد، فقالوا: شابت مفارقه، وبعير ذو عثانين، وقال الشاعر:

والزّعفران على ترائبها ... شرق به اللّبّات والنّحر (٢)

فجمع التّربية واللّبّة بما حولهما. وإذا كان هذا قد جاز فى موضع الواحد، فالجمع فى موضع التثنية أجوز.

وأمّا (٣) إعراب «وراء» مع حذف المضاف إليه، فإنّ الغايات، وهى الظّروف التى حذفوا منها المضاف إليه، وبنوها على الضمّ، كقبل وبعد وفوق وتحت، إنّما بنوها لأنّ المضاف إليه مقدّر عندهم، حتى إنها متعرّفة به محذوفا، فلما اقتصروا على المضاف فجعلوه نهاية، صار كبعض الاسم، وبعض الاسم لا يعرب، فإن نكّروا شيئا من ذلك أعربوه، فقالوا: جئت قبلا، ومن قبل، وبعدا، ومن بعد، قال الشاعر:

فساغ لى الشّراب وكنت قبلا ... أكاد أغصّ بالماء الفرات (٤)

وقرأ بعض القرّاء: {لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} (٥)، فأعرب لنيّة التكرير.


(١) سورة الأنفال ٤٨.
(٢) فرغت منه فى المجلس الحادى عشر.
(٣) فى ط، د: فأمّا.
(٤) ويروى: بالماء الحميم. وينسب ليزيد بن الصّعق، ولعبد الله بن يعرب. معانى القرآن ٢/ ٣٢٠، وشرح المفصل ٤/ ٨٨، وشرح ابن عقيل ٢/ ٧٣، وشرح الشواهد الكبرى ٣/ ٤٣٥، وشفاء العليل ص ٧١٤، والخزانة ١/ ٤٢٦ - ٤٢٩، وحواشى المحققين.
(٥) سورة الروم ٤، وهذه القراءة بالكسر والتنوين، قرأ بها أبو السّمّال والجحدرىّ وعون العقيلى. البحر ٧/ ١٦٢، وتفسير القرطبى ١٤/ ٧، والهمع ١/ ٢٠٩. وراجع إعراب «قبل وبعد» فى المجلسين: الأربعين، والسبعين.