للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اضطرّه الوزن والقافية إلى ذكر اللّطم الدالّ على الولولة والنّوح، اكتفى بذكر الدّليل من المدلول عليه.

و «أو» هاهنا للإباحة، فكأنه قال: إن شبّهته فى حديثه بقرد يقهقه فكذاك هو، وإن شبّهته بعجوز تلطم وتولول فكذاك.

والجواب الثانى: أنه شبّه شيئين بشيئين، شبّه حديثه بقهقهة القرد، وشبّه إشارته فى أثناء حديثه بلطم العجوز، وإنما جعل حديثه كضحك القرد؛ لأنه لعيّه غير مفهوم الحديث، وجعله مشيرا بيديه؛ لأنه لا يقدر على الإفصاح، فهو يستعين بالإشارة إذا حدّث، كما أشار باقل (١) حين عجز عن الجواب وقد مرّ بقوم ومعه ظبى اشتراه بأحد عشر درهما، وهو متأبّطه، فقالوا: بكم اشتريت الظّبى؟ فمدّ يديه وفرّق أصابعه ودلع لسانه، يريد بأصابعه عشرة دراهم، وبلسانه درهما، فشرد الظّبى حين مدّ يديه.

وقد ضمّن هذا التشبيه معنى آخر، وهو أنه أراد قبح وجهه، وكثرة تشنّجه، فهو فى القبح كوجه القرد، وفى التّغضّن-وهو التّشنّج-كوجه العجوز.

فإن قيل: كيف يشبّه شيئين بشيئين، ويعطف بأو، وهى لأحد الشيئين، وإنما حقّ ذلك العطف بالواو؛ لأنّ (٢) التقدير: وإذا أشار محدّثا فكأنّه فى حديثه قرد يقهقه، وفى إشارته عجوز تلطم؟

فعن هذا الاعتراض جوابان: أحدهما: أن «أو» هاهنا للإباحة، وقد قدّمت ذكر ذلك.


(١) سبق حديث «باقل» فى المجلس الخامس والسّتّين.
(٢) فى الأصل: ولأنّ.