للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن عوض، وينشدون قول طرفة:

ألا أيّ هذا الزّاجرى أحضر الوغا ... وأن أشهد اللذّات هل أنت مخلدى (١)

بنصب «أحضر»، وعلى مذهبهم قال أبو الطيّب:

بيضاء يمنعها تكلّم دلّها ... تيها ويمنعها الحياء تميسا (٢)

والمراد بتصغير الظروف تقريب الأوقات والأماكن، كقولك: خرجت قبيل الظّهر، وبعيد المغرب، وقعدت دوين الحائط، كما قال ذو القروح، يصف ذنب فرسه:

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل (٣)

الضّافى: السّابغ. والأعزل من الأذناب: الذى يميل يمنة أو يسرة.

فإن قيل: لم كان حذف «أن» اضطرارا فى قوله: «قبيل أفقدها»، وظاهر أمر «قبل وبعد» أنهما ظرفا زمان، فهلاّ أضيفا إلى الفعل بغير تقدير «أن» كسائر أسماء الزمان؟

فالجواب: أنّ المكان أحقّ بهما من الزمان، وقد أوضح حالهما أبو سعيد السّيرافىّ، فى شرح الكتاب، فى قوله: إنّ «قبل وبعد» غير متمكّنين، فلا يرفعان، ولا يجوز: سير قبلك، والذى منعهما من التصرّف والرفع أنهما ليسا باسمين لشيء من الأوقات، كالليل والنهار، والساعة والظّهر والعصر، وإنما استعملا فى الوقت للدّلالة على التقديم والتأخير. يعنى أنك إذا قلت: جئت قبل زيد، أردت


(١) فرغت منه فى المجلس الثانى عشر.
(٢) ديوانه ٢/ ١٩٥. وقال الواحدى: «أراد أن تتكلّم، فحذف «أن» وأبقى عملها». شرح الديوان ص ٩٤، وكذلك أن تميسا.
(٣) فرغت منه فى المجلس التاسع والخمسين.