للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب: أنّ «كفى» ممّا غلب عليه زيادة الباء، تارة مع فاعله، وتارة مع مفعوله، ودخولها على مفعوله قليل، فزيادتها مع الفاعل مثل: كفى بالله، المعنى: كفى الله، ويدلّك على أنها مزيدة فى «بالله» قول سحيم (١):

كفى الشّيب والإسلام للمرء ناهيا

وأمّا زيادتها مع المفعول، فمنه ما أوردته آنفا من قول الأنصارىّ:

فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حبّ النبىّ محمد إيّانا

ومنه:

كفى بك داء أن ترى الموت شافيا (٢)

التقدير: كفاك داء رؤيتك الموت، ومنه: «كفى بجسمى نحولا» لأنّ فاعل «كفى» أنّ وما اتّصل بها. واسبك لك من ذلك فاعلا بما دلّ عليه الكلام من النفى بلم، وامتناع الشىء لوجود غيره بلولا، فالتقدير: كفى بجسمى نحولا انتفاء رؤيتى لولا وجود مخاطبتى، وانتصاب «نحولا» على التفسير (٣)، والتفسير فى هذا النحو للفاعل دون المفعول، فوكيلا تفسير لاسم الله تعالى، و «نحولا» تفسير لانتفاء الرّؤية، كما كان «فضلا» فى بيت الأنصارىّ تفسيرا لحبّ النبىّ إيّاهم. فقد بان لك الفرق فى الإعراب بين «كفى بجسمى نحولا» «وكفى بالله وكيلا»؛ من حيث كان «بالله» فاعلا، و «بجسمى» مفعولا.

وإنما زيدت الباء فى نحو «كفى بالله» حملا على معناه، إذ كان بمعنى اكتف بالله، ونظيره قولهم: حسبك بزيد، زادوا الباء فى خبر «حسبك» لمّا دخله معنى اكتف.


(١) ديوانه ص ١٦، وصدر البيت: عميرة ودّع إن تجهزت غاديا وتخريجه فى كتاب الشعر ص ٤٣٧.
(٢) للمتنبى. وقد فرغت منه فى المجلس الحادى عشر.
(٣) أى على التمييز.