للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى الشّعر حذف النكرة المجرورة الموصوفة بالجملة، فى قول الرّاجز:

مالك عندى غير سهم وحجر ... وغير كبداء شديدة الوتر

جادت بكفّى كان من أرمى البشر (١)

أراد: بكفّى رجل، فحذف رجلا، وهو ينويه.

وقوله: «من طربى» مفعول له. و «من» بمعنى اللام، كما تقول: جئت لأجلك، ومن أجلك، وأكرمته لمخافة شرّه، ومن مخافة شرّه، {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ} (٢) أى لإملاق.

و «شوقا» يحتمل أن يكون مفعولا من أجله، عمل فيه «طربى»، فيكون الشوق علّة للطّرب، والطرب علّة للسّهاد، ولا يعمل «شهدت» فى «شوقا» لأنه قد تعدّى إلى علّة فلا يتعدّى إلى أخرى إلاّ بعاطف، كقولك: أقمت سهرا وخوفا، وسهدت طربا وشوقا.

ويحتمل «شوقا» أن ينتصب انتصاب المصدر، كأنه قال: شقت شوقا، أو شاقنى التذكّر شوقا، وشقت: ما لم يسمّ فاعله، كقول المملوك: قد بعت، أى باعنى مالكى، وكقول الأمة وقد سئلت عن المطر: «غثنا ما شئنا (٣)»، والأصل: غاثنا الله.

فأمّا «إلى» فالوجه أن تعلّقها بالشّوق؛ لأنه أقرب المذكورين إليها، وإن


(١) فرغت منه فى المجلس الموفى السّتين.
(٢) سورة الأنعام ١٥١.
(٣) وهو ما روى عن ذى الرمّة، قال: ما رأيت أفصح من جارية بنى فلان! قلت لها: كيف كان المطر عندكم؟ قالت: غثنا ما شئنا». أى مطرنا مطرا بقدر طلبنا وحاجتنا، موافقا لاختيارنا، غير مسرف يؤذى، ولا قليل يمحل. إصلاح المنطق ص ٢٥٥، ووصف المطر والسّحاب ص ٧٨، وديوان المعانى ٢/ ٧، وغريب الحديث للخطابى ١/ ٤٣٩، ومنال الطالب ص ٢٦٥.