للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحبّ الجبان النّفس أورده التّقى (١) ... وحبّ الشّجاع النّفس أورده الحربا

ويختلف الرّزقان والفعل واحد ... إلى أن يرى إحسان هذا لذا ذنبا

ومن ذلك قوله:

طوى الجزيرة حتى جاءنى خبر ... فزعت منه بآمالى إلى الكذب (٢)

حتى إذا لم يدع لى صدقه أملا ... شرقت بالدّمع حتى كاد يشرق بى

أى صغرت فى جنب الدمع، فصرت بالإضافة إليه كالشيء يشرق به فى القلّة (٣).

ومن ذلك قوله:

كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم ... ويكره الله ما تأتون والكرم (٤)

ليت الغمام الذى عندى صواعقه ... يزيلهنّ إلى ما عنده الدّيم

وقوله:

إذا ما لبست الدهر مستمتعا به ... تخرّقت والملبوس لم يتخرّق (٥)

وإطراق طرف العين ليس بنافع ... إذا كان طرف القلب ليس بمطرق

وما ينصر الفضل المبين على العدى ... إذا لم يكن فضل السّعيد الموفّق

وقوله:

ربّ أمر أتاك لا تحمد الفعّ ... ‍ال فيه وتحمد الأفعالا (٦)


(١) التّقى هنا: اتّقاء الحرب وترك القتال؛ حبّا للنفس وخوفا على الرّوح.
(٢) ديوانه ١/ ٨٧،٨٨.
(٣) هذا من شرح ابن جنى فى الفتح الوهبى ص ٣٨، وردّه أبو القاسم الأصبهانى، فقال: «معنى هذا البيت أنه لمّا أتانى نعىّ المتوفّاة نزفت دمعى بالبكاء حتى لم يكد يجرى، وبقى حائرا فى الجفن، فكدت أقضى نجنى فيجفّ الدمع بى، وليس للكثرة والقلّة معنى كما ذكره أبو الفتح». الواضح فى مشكلات شعر المتنبى ص ٣١.
(٤) ديوانه ٣/ ٣٧١.
(٥) ديوانه ٢/ ٣٠٧،٣١٥،٣١٦.
(٦) ديوانه ٣/ ١٣٨،١٤٣،١٤٧.