للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما لم يسمّ فاعله، تقول: زهيت علينا يا رجل (١) تزهى، فأنت مزهوّ، أى تكبّرت، ولا تقول: زهوت، فتجعل الفعل له، لأن الفعل إنما هو للشيء الذى يحمله على الزّهو، كالمال والجمال والسلطان، وإنما يفسّرون زهيت بتكبّرت مجازا، وتفسيره (٢): حملت على التكبّر.

/وقوله: «ليت شعرى من أباها» لك فى خبر «ليت» مذهبان: إن شئت قلت: هو محذوف لطول الكلام، وتقديره: واقع أو موجود، وإن شئت قلت: لمّا كان قوله «ليت شعرى» مؤدّيا معنى ليتنى أشعر، استغنى عن خبر، كما استغنى المبتدأ فى قولك: أقائم أخواك، حيث أدّى معنى يقوم، وقوله: «من أباها» جملة ابتداء عمل فى موضعها المصدر، كأنه قال: ليت أن أشعر أىّ الناس أباها.

وأمّا قول القائل:

ليت شعرى إذا القيامة قامت ... ودعا بالحساب أين المصيرا (٣)

وقبله:

خمّر الشّيب لمّتى تخميرا ... وحدا بى إلى القبور البعيرا

فإن المصير منصوب بالمصدر (٤)، وأين: خبر مبتدأ محذوف، تقديره أين هو، وقد


(١) فى هـ‍: يا فلان.
(٢) فى هـ‍: وتفسيره فى الحقيقة: حملت. . .
(٣) البيت الأول وحده من غير نسبة فى كتاب الشعر ص ٣١٤، والبيتان من غير نسبة أيضا فى الإفصاح ص ١٨١.
(٤) وهو «شعرى» وأصله «شعرتى». يقال: شعر به، وشعر يشعر، شعرا وشعرا وشعرة. قال سيبويه: قالوا: ليت شعرى، فحذفوا التاء مع الإضافة للكثرة-يعنى لكثرة الاستعمال-كما قالوا: ذهب بعذرتها، وهو أبو عذرها، فحذفوا التاء مع الأب خاصة. اللسان (شعر). وانظر كلام سيبويه فى الكتاب ٤/ ٤٤، وأدب الكاتب ص ٦١. وهذا التركيب «ليت شعرى» ممّا حذف فيه الخبر. قال ابن الأثير: «وفيه-أى فى الحديث-وليت شعرى ما صنع فلان، أى ليت علمى حاضر أو محيط بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير فى كلامهم». النهاية ٢/ ٤٨٠.