للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحال [وإذا (١)] كان لم يتعدّ إلا إلى مفعول واحد ثبت أنه من الرؤية التى هى الإبصار، دون الرؤية التى هى العلم، وإنما قلنا (٢) إن «أصغر» منصوب (٣) على المصدر؛ لأنه مضاف إلى «ما» وهى مصدرية، وأفعل الموضوع للمفاضلة إنما هو بعض ما يضاف إليه، فصار كقولك: سرت أشدّ السير، وكذلك «أكذب» حكمه حكم «أصغر» والناصب «ناطقا» هو الأول منهما، وقد علمت أن الهاء من «تراه» عائدة على عين، فلو كان من الرؤية التى يراد بها العلم اقتضى مفعولا ثانيا، يكون هو الأول فى المعنى، كقولك: رأيت الله غالبا (٤)، ولما كانت الهاء/ عائدة على جثّة، فلم يجز لذلك أن يكون المفعول الثانى حدثا، وكان انتصاب «ناطقا» على الحال، علمت أن «تراه» بمعنى تبصره، لا بمعنى تعلمه، فتقدير الإعراب: تراه ناطقا أحقر رؤيتك إياه، فالتحقير تناول الرؤية فى اللفظ، والمراد تحقير المرئىّ، لأن المعنى: تراه ناطقا أحقر منه إذا رأيته ساكتا.

وأما «يكون» الأول والثانى فكلاهما بمعنى يوجد، فإن قلت: أجعل الأول ناقصا وأجعل خبره «أكذب»، لم يجز ذلك؛ لما ذكرته من انتصاب «أكذب» على المصدر؛ لإضافته إلى المصدر، وإذا ثبت أنه اسم حدث لإضافته إلى «ما» المصدرية، والمضمر فى «يكون» عائد على عين، وخبر «كان» إذا كان مفردا فهو واسمها عبارة عن شيء واحد، بطل أن تجعل «يكون» ناقصا، لفساد الإخبار عن الجثث بالأحداث.

والواو فى قوله «ويقسم» واو الحال، فالجملة بعده حال، عمل فيها «يكون» الأول، وهى جملة ابتداء، والمبتدأ محذوف، فالتقدير: وهو يقسم، وحذف «هو»


(١) تكملة من هـ‍.
(٢) فى هـ‍: قلت.
(٣) من هنا إلى قوله تعالى: وَالنَّهارَ مُبْصِراً حكاه شارح ديوان المتنبى-الموضع المذكور-عن ابن الشجرى بشىء من التصرف.
(٤) فى هـ‍: قاهرا.