للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جلّ وعز: {بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} (١) [وحقيقته مكركم فى الليل والنهار (٢)].

روى عن أبى العباس ثعلب (٣) أنه قال: كان الكسائىّ والأصمعىّ يوما بحضرة الرّشيد، وكانا ملازمين له، يقيمان بإقامته، ويظعنان بظعنه، فأنشد الكسائىّ:

أنّى جزوا عامرا سوأى بفعلهم ... أم كيف يجزوننى السّوءى من الحسن (٤)

أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به ... رئمان أنف إذا ما ضنّ باللّبن

فقال الأصمعى: إنما هو رئمان أنف، بالنصب، فقال له الكسائىّ: اسكت ما أنت وهذا! يجوز رئمان أنف، ورئمان أنف، ورئمان أنف، بالرفع والنصب والخفض، أما الرفع فعلى الرّدّ (٥) على «ما» لأنها فى موضع رفع بينفع، التقدير:

كيف ينفع رئمان أنف، والنصب بتعطى، والخفض على الردّ على الهاء التى فى به.

قال: فسكت الأصمعىّ، ولم يكن له علم بالعربية، إنما كان صاحب لغة، لم يكن صاحب إعراب. انتهى كلامه.


(١) سورة سبأ ٣٣.
(٢) سقط من هـ‍. وانظر معانى القرآن ٢/ ٣٦٣، والموضع السابق من الكامل والمقتضب.
(٣) رويت هذه القصة من طريق ثعلب فى أمالى الزجاجى ص ٥٠، ومجالس العلماء، له ص ٤٢، ومعجم الأدباء ١٣/ ٨٣ (ترجمة على بن حمزة الكسائى)، والأشباه والنظائر ٣/ ٢٢٤، والخزانة ٤/ ٤٥٨.
(٤) البيتان من كلمة لأفنون التغلبى، وقد استفاضت بهما كتب اللغة والأدب والنحو. انظر مع المراجع السابقة: المفضليات ص ٢٦٣، والكامل ١/ ١٠٧، والبيان والتبيين ١/ ٩، وأمالى القالى ٢/ ٥١، والبغداديات ص ٤١٩، والاشتقاق ص ٢٥٩، والخصائص ٢/ ١٨٤،٣/ ١٠٧، والمغنى ص ٤٥، وشرح أبياته ١/ ٢٤٠، وغير ذلك كثير، تراه فى حواشى تلك الكتب.
(٥) أى البدل من «ما». ويقولون إن «الرد» مصطلح كوفى، يقابله عند البصريين: البدل أو عطف البيان. وقد استعمله الفرّاء الكوفىّ كثيرا، فى معانى القرآن، ولكنى رأيت هذا المصطلح عند واحد من البصريين المعاصرين للفرّاء، وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، فى كتابه شرح النقائض ص ٨١٧، وذلك ما ذكره فى قول الفرزدق: لعلّك فى حدراء لمت على الذى تخيّرت المعزى على كلّ حالب عطيّة أو ذى شملتين كأنه عطيّة زوج للأتان وراكب قال: «ردّ عطيّة على الذى».