للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما معنى قوله: «كأنّا نقتل إيّانا» فإنه شبّه المقتولين بنفسه وقومه، فى الحسن والسّيادة، فلذلك وصفهم بقوله:

قتلنا منهم كلّ ... فتى أبيض حسّانا

وبقوله:

يرى يرفل فى بردي‍ ... ن من أبراد نجرانا

أى هم سادة يلبسون أبراد اليمن، فكأننا بقتلنا إيّاهم قتلنا أنفسنا، ونصب «حسّانا (١)» على الوصف لكلّ، ولو كان فى نثر لجاز «حسّانين» وصفا لكلّ، على معناها، لأنّ لفظها لفظ واحد ومعناها معنى جمع، فلذلك عاد إليها ضمير واحد فى قوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} (٢) وضمير جمع فى قوله تعالى: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} (٣) وأفرد خبرها فى قوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً} (٤) وجمع فى قوله جلّ وعز: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ} ومثل ذلك فى إجراء الوصف على المضاف تارة والمضاف إليه أخرى، قولك: أخذت خمسة أثواب طوالا، على النّعت للعدد، وطوال، على النعت للمعدود، وجاء الوصف للمعدود فى قوله جلّ ثناؤه: / {إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ} (٥) وفى قوله: {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ} (٥) وجاء وصف العدد فى قوله سبحانه: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً} (٦) قيل: «طباقا (٧)» جمع طبقة، كرقبة ورقاب، وقيل: جمع طبق، كجبل


(١) بضم الحاء وتشديد السّين، وهو وصف بمعنى الكثير الحسن، كالطّوّال، بمعنى المفرط فى الطول. ذكره البغدادى فى الخزانة ٢/ ٤٠٧، ونصّ على أن ابن الشجرى تبع سيبويه فى نصب «حسّان» على الوصف لكلّ. ورأى سيبويه هذا فى الكتاب ٢/ ١١١. وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٣٦٠.
(٢) سورة البقرة ٢٨٥، وانظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم ٢/ ٣٥٠، وأيضا كتاب الشعر ص ١٢٨،٢٧٧.
(٣) سورة النمل ٨٧.
(٤) سورة مريم ٩٥.
(٥) سورة يوسف ٤٣.
(٦) الآية الثالثة من سورة الملك.
(٧) فى هـ‍: طباق.