للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأنك إذا ذكرت الفعل دلّ بلفظه على مصدره، كما قالوا: «من كذب كان شرّا له (١)» أى كان الكذب، ومثله قوله تعالى: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} (٢) أى لكان الإيمان، وقوله: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (٣) أى يرض الشّكر لكم.

والتفاسير مجمعة على أن/المراد بقوله: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً} ما نزل بهم يوم بدر، وقال الزجّاج: «وقرئت {لِزاماً} مفتوحة اللام، قال: وتأويله: فسوف يكون تكذيبكم لازما لكم، فلا تعطون التوبة منه، وتلزمكم العقوبة، فيدخل فى هذا يوم بدر وغيره من العذاب الذى يلزمهم (٤)».

وأقول: إن اللّزام بالكسر: مصدر لازم لزاما، مثل خاصم خصاما، واللّزام بالفتح: مصدر لزم لزاما، مثل سلم سلاما، أى سلامة، قال الشاعر:

تحيّى بالسّلامة أمّ بكر ... وهل لى بعد قومى من سلام (٥)

ومنه: {لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (٦) أى دار السّلامة، فاللّزام بالفتح:

اللّزوم، واللّزام: الملازمة، والمصدر فى القراءتين وقع موقع اسم الفاعل، فاللّزام وقع موقع ملازم، واللّزام وقع موقع لازم، كما قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً} (٧) أى غائرا، وإن شئت قدّرت مضافا، أى كان العذاب ذا لزام، وذا لزام.

آخر المجلس.

...


(١) أعاده ابن الشجرى فى المجلس التاسع والخمسين. وهو فى الكتاب ٢/ ٣٩١، والأصول ١/ ٧٩، ٢/ ١٧٦، وشرح الحماسة ص ٤٥٥،١٥٧٧،١٥٩٩، والخزانة ١/ ١٢٠،٨/ ١٢٠.
(٢) سورة آل عمران ١١٠.
(٣) الآية السابعة من سورة الزمر.
(٤) إعراب القرآن، ص ١٥ من المجلد الثامن، من النسخة التى وصفتها قريبا. مع بعض اختلاف فى اللفظ. وقراءة «لزاما» بفتح اللام تنسب لأبى السّمّال وغيره. وهو مصدر. يقال: لزم لزوما ولزاما، مثل ثبت ثبوتا وثباتا. إعراب القرآن لأبى جعفر النحاس ٢/ ٤٧٩، والقرطبى ١٣/ ٨٦، والبحر ٦/ ٥١٨.
(٥) سبق تخريجه فى المجلس الثالث.
(٦) سورة الأنعام ١٢٧.
(٧) آخر آيات سورة الملك.