للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«كان» التامّة مضمرة، فهى حال من ضمير مستتر فى فعل مجرور الموضع، بإضافة ظرف زمانىّ إليه، عمل فيه اسم فاعل محذوف، فالتقدير: ضربى زيدا إذا كان جالسا، أو إذ كان جالسا، تقدّر/ما يقتضيه الفعل من زمان التوقّع أو المضىّ (١)، وذو الحال الضمير المستكنّ فى «كان» وهى كان التى بمعنى وجد، وموضعها جرّ بإضافة «إذا» إليها أو «إذ»، والعامل فى هذا الظرف اسم فاعل مقدّر، كالذى تقدّره فى قولك: الخروج يوم السبت، أى واقع يوم السبت، فأما قول المتنبى (٢):

بحبّ قاتلتى والشّيب تغذيتى ... هواى طفلا وشيبى بالغ الحلم

فيحتمل موضع «هواى وشيبى» الرفع والجرّ، فالرفع على أن يكونا مبتدءين، وطفلا وبالغ الحلم حالان سدّا مسدّ الخبرين، على ما قررته فى قولك: ضربى زيدا جالسا، فالتقدير: هواى إذ كنت طفلا، وشيبى إذ كنت بالغ الحلم، والجرّ على أن تبدلهما من الحبّ والشّيب، وحسن (٣) إبدال الهوى من الحبّ إذ كان بمعناه، والعامل فى الحالين على هذا القول المصدران اللذان هما هواى وشيبى، فالتقدير:

تغذيتى بحبى قاتلتى، وبالشّيب بأن هويت طفلا، وبأن شبت بالغ الحلم. والقول الأول قول عثمان بن جنّى، والثانى قول الرّبعىّ، وكلاهما سديد.

والنصف الآخر من البيت تفصيل لما أجمله فى النصف الأول، لأنه بيّن [به (٤)] وقت المحبة ووقت الشّيب، والمعنى: هويت وأنا طفل، وشبت حين احتملت، فصار الهوى والشّيب كالغذاء لى.

ومن إعطاء العين حكم المصدر حتّى وصفوه بالمصدر، أو جرى خبرا عنه قوله


(١) فى هـ‍: «والمضىّ». وقوله: «التوقع» يريد به الاستقبال، كما صرّح به فى المجلس الحادى والسبعين.
(٢) ديوانه ٤/ ٣٦، ونقل شارحه إعراب ابن الشجرى للبيت، وأعاده المصنف فى المجلس الحادى والسبعين.
(٣) فى هـ‍: «وخص» وما فى الأصل مثله فى شرح ديوان المتنبى.
(٤) ليس فى هـ‍.