للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى: والنساء خلقن فى أوّل الدهر من الإخلاف والمطل، فهذا كلّه من تنزيل الأعيان منزلة المصادر.

فأما تنزيل المصادر منزلة الأعيان، فكقولهم: موت مائت، وشيب شائب، وشعر شاعر (١)، قال ابن مقبل (٢):

إذا متّ عن ذكر القوافى فلن ترى ... لها شاعرا مثلى أطبّ وأشعرا

وأكثر بيتا شاعرا ضربت به ... بطون حبال الشّعر حتى تيسّرا

أراد بخبال الشّعر أسباب الشّعر، لأن الحبل (٣) يسمّى سببا.

وقد ذهب بعضهم فى قوله: «ممّا يقوم على الثلاث كسيرا» إلى أن «ما» بمعنى الذى، والمضمر فى «يقوم» عائد على «ما»، وكسيرا حال من الضمير، وهو بمعنى مكسور، كقتيل ومقتول، والمعنى: كأنه من الحيوان الذى يقوم على الثلاث مكسورا، وخبر «ما يزال» الجملة من كأنّ واسمها وخبرها، والقول الأول قول أهل العلم الموثوق بعلمهم.


= راجع الموضع السابق من النقائض، واللسان (ولع)، والخصائص ٢/ ٢٠٣،٣/ ٢٦٠، والموضع المذكور من المحتسب.
(١) انظره وأمثاله فى الأصول ٣/ ٨٤، وكتاب الشعر ص ٢٣٨، وشرح الحماسة ص ٢١٦،٥٨٤، ٨٥٤،١٦٠١.
(٢) ديوانه ص ١٣٦، وتخريجه فيه. ورواية الديوان: «وأكثر بيتا ماردا».
(٣) الذى فى الديوان «جبال» بالجيم، وجاء بحاشية أصل الأمالى: «قال الإمام أبو اليمن الكندى رحمه الله: قوله: «حبال الشعر» بالحاء المهملة سهو، وإنما هو «جبال»، بالجيم. أنشد ابن جنى هذين البيتين فى كتابه المعروف بالخاطريات، على قوله تعالى: لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ يريد أن الجبال تذكر ويراد بها كلّ ما يثبت ويعظم شأنه. ولهذا وضع عبارة عمّا لا تدركه المعاينة، وإنما هو للمعانى المتصورة. قال: «ولهذا قال أبو الحسن الأخفش فى قوله: مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ إنه يريد بها الكثرة والوفور، لا نفس الجبال المشاهدة فى نصبها وتشكّلها. وهذا واضح». وانظر الخاطريات ص ٥٨، والحلبيات ص ١٩٧.