للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النفي [لها (١)] فإذا استثنيت من الضمير [الذى (٢)] فى يقول، فكأنك استثنيت من الموصوف المضمر المنفىّ، فلذلك جاز الرفع فى المستثنى، من حيث كان بدلا من مرفوع عائد على المنفىّ.

والبيت الذى أنشده سيبويه شاهدا على جواز الرفع، من مقطوعة (٣) لرجل من الأنصار، وروى أنه لما أدخلت حبابة على يزيد بن عبد الملك دخلت وعليها ثياب معصفرة، وبيدها دفّ وهى تصفّقه بيدها، /وتغنى بهذه الأبيات:

ما أحسن الجيد من مليكة واللّبّا ... ات إذ زانها ترائبها

يا ليتنى ليلة إذا هجع الن‍ ... اس ونام الكلاب صاحبها

فى ليلة لا نرى بها أحدا ... يحكى علينا إلاّ كواكبها

رفع «كواكبها» على البدل من المضمر فى «يحكى»، ولولا احتياجه إلى تصحيح القافية كان النصب فيها أولى، من ثلاثة أوجه (٤): أحدها إبدالها من الظاهر الذى تناوله النفى على الحقيقة، والثانى نصبها على أصل باب الاستثناء، كقراءة ابن عامر اليحصبىّ: «ما فعلوه إلاّ قليلا منهم» (٥)، والثالث أنه استثناء من غير الجنس، كقولك: ما فى الدار أحد إلا الخيام، وأهل الحجاز مجمعون فيه على النصب، وعلى ذلك أجمع القرّاء فى قوله تعالى: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ} (٦).


(١) زيادة من هـ‍.
(٢) ليس فى هـ‍.
(٣) نسبها صاحب الأغانى ١٥/ ٣٦، لأحيحة بن الجلاح. وانظر ما تقدم فى تخريج الشاهد.
(٤) حكاها البغدادى فى الخزانة ٣/ ٣٥١، عن ابن الشجرى.
(٥) سورة النساء ٦٦، وقرأ بالنصب أيضا أبىّ، وابن أبى إسحاق، وعيسى بن عمر. السبعة لابن مجاهد ص ٢٣٥، والكشف لمكّى ١/ ٣٩٢، وإعراب القرآن للنحاس ١/ ٤٣١، والبحر ٣/ ٢٨٥.
(٦) سورة النساء ١٥٧، وجاء في الأصل: وَما لَهُمْ بإقحام الواو، ولم تأت فى النسخة هـ‍. ومن الطريف أن الواو أقحمت أيضا فى نسختى خزانة الأدب-والبغدادىّ ناقل عن ابن الشجرى كما أشرت قريبا -وقد نبّه على هذا الخطأ شيخنا عبد السلام هارون رحمه الله، وأفاد أن الواو إنما جاءت فى الآية ٢٨ من سورة النجم، وتلاوتها: وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ.