للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كحذف الهاء (١) فى قوله (٢):

*وما شيء حميت بمستباح*

وفى قول الله تعالى: {وَاِتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً} (٣) أراد لا تجزى فيه، كما قال: {وَاِتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} (٤) وإذا قدّرت مثل ذلك فى البيت اتّصل الكلامان فصحّ المعنى، وتقدير العائد فى البيت: أىّ يوم سررتنى بوصال لم ترعنى بعده ثلاثة أيام بصدود، فالهاء عائدة على وصال، فكأنك قلت:

ما سررتنى يوما بوصال مأمون بعده صدودك (٥) ثلاثة أيام، وإذا ثبت صحّة هذا المعنى بهذا التقدير، فإن شئت قدّرت أنك حذفت الظرف أولا، فبقى «لم ترعنيه» ثم حذفت الهاء ثانيا، على مذهب من قدّر فى الآية حذف الجارّ أوّلا، فبقى «لا تجزيه» ثم حذف الهاء، وإن شئت قدّرت أنك حذفت الظرف والعائد حذفة واحدة، فهذا أحد الأوجه الثلاثة.

والوجه الثانى: أنك تقدّر بالجملة العطف، وتضمر العاطف، فكأنك قلت:

أىّ يوم سررتنى بوصال فلم ترعنى ثلاثة بصدود، والعرب تضمر/الفاء والواو العاطفتين، فممّا جاء فيه إضمار الفاء قوله سبحانه: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ} (٦) فأضمر الفاء فى {قالُوا} لتمام كلام موسى عليه السلام، ثم أضمر الفاء فى {قالَ} (٧) لتمام كلام قومه، وهذا كثير فى القرآن.

ومما أضمرت فيه الواو قول الحطيئة (٨):


(١) جاءت العبارة فى هـ‍ مضطربة هكذا: يقارب حذف عائد كحذف الصلة فى قوله. . .
(٢) فرغت منه فى المجلس الأول.
(٣) سورة البقرة ٤٨،١٢٣.
(٤) سورة البقرة ٢٨١.
(٥) فى هـ‍: صدود.
(٦) سورة البقرة ٦٧.
(٧) حكاه الزركشى فى البرهان ٣/ ٢١٢.
(٨) ديوانه ص ١١، والمغنى ص ٧٠٦، وشرح أبياته ٧/ ٣٢٦، ومعجم ما استعجم ص ١٣٨٧، وأعاده ابن الشجرى فى المجلس الرابع والأربعين.