للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: «ملجزيرة» حذف نون «من» لسكونها وسكون اللام، تشبيها للنون الساكنة بحروف اللين، لأن فيها غنّة تضارع ما فيهنّ من المدّ واللّين، ومثله قول عمرو ابن كلثوم:

/فما أبقت الأيام ملمال عندنا ... سوى جذم أذواد محذّفة النّسل (١)

وقول الآخر:

أبلغ أبا دختنوس مألكة ... غير الذى قد يقال ملكذب (٢)

أبو دختنوس: لقيط (٣) بن زرارة التّميمى، ودختنوس: اسم بنته، وكان مجوسيّا.

فأما قولهم فى بنى الحرث وبنى الهجيم وبنى العنبر: بلحرث وبلهجيم وبلعنبر، فإنهم حذفوا الياء من «بنى» لسكونها وسكون لام التعريف، ثم استخفّوا حذف النون كراهة لاجتماع المتقاربين، كما كرهوا اجتماع المثلين، فحذفوا الأول فى نحو:

غداة طفت علماء بكر بن وائل ... وعجنا صدور الخيل نحو تميم (٤)

أراد: على الماء، ونظير هذا الحذف فى الكلمة الواحدة قولهم فى ظللت ومسست: ظلت ومست، ومنهم من يسقط حركة ما قبل المحذوف ويلقى حركة المحذوف عليه، فيقول: ظلت ومست، يحرّك الظاء والميم بكسر اللام والسين،


(١) شرح الحماسة ص ٤٧٦، وأنشد فى اللسان (ذود) من غير نسبة. والمال أكثر ما يطلق عند العرب على الإبل؛ لأنها كانت أكثر أموالهم. والجذم، بكسر الجيم: الأصل، والأذواد: جمع الذّود، ويقع على ما دون العشرة. ومحذّفة النسل: أى مقطوعة النّسل. وأراد بالأيام الوقعات.
(٢) أعاده فى المجلس الخامس والأربعين، وهو فى الخصائص ١/ ٣١١،٣/ ٢٧٥، وسرّ صناعة الإعراب ص ٥٣٩، وضرائر الشعر ص ١١٤، وشرح المفصل ٨/ ٣٥،٩/ ١٠٠،١١٦، واللسان (ألك-من).
(٣) راجع الشعر والشعراء ص ٧١٠.
(٤) نسبه ابن الشجرى فى المجلس السادس والأربعين لقطرىّ بن الفجاءة. وهو من قصيدة لقطرى فى الكامل ٣/ ٢٩٧، وانظر شعر الخوارج ص ٤٤،١٦٣، وشرح شواهد الشافية ص ٤٩٨، ومعجم شواهد العربية ص ٣٦٧.