من تأويل يدخلها فى حيّز النّكرات لما ساغ الاحتجاج بها، لأن ذلك عدول عن العامّ الشائع إلى الشاذّ النادر.
فقد ثبت بما ذكرنا أن دخول الألف واللام على «كلّ وبعض» جائز من جهتين: إحداهما أنك لا تقدّرهما مضافين إلى معرفة، وإذا لم تقدّر إضافتهما إلى معرفة جريا مجرى «نصف» وغيره من النّكرات المتصرّفة.
والجهة الأخرى: أن يكون «كلّ» على ما ذكره أبو الحسن من استعمالهم إيّاه حالا بمعنى جميعا، فيجوز دخول الألف واللام عليه، كما دخلا فى الجميع، فقد ثبت بهذا أنّ من امتنع من دخول الألف واللام عليهما مخطئ.
فإن قيل: فقد علمت أن «كلاّ وبعضا» مما لا ينفكّ من الإضافة لفظا ومعنى، أو معنى لا لفظا، فهما فى ذلك بمنزلة «قبل وبعد» فما الفرق بينهما وبين «قبل وبعد» حتى أجزتم دخول الألف واللام عليهما، ولم يأت ذلك فى «قبل وبعد» وحتى (١) جاء بناء «قبل وبعد» على الضمّ فى حال إفرادهما، إذا قدّرا مضافين إلى معرفة، ولم يأت ذلك فى كلّ وبعض؟
فالجواب: أنّ امتناع الألف واللام من الدخول على «قبل وبعد» من حيث لم يستعملا إلاّ ظرفين ناقصى التمكّن، فجريا فى ذلك مجرى الظّروف التى لم تتمكّن كإذ ولدن وعند ولدى، وساغ البناء فيهما إذا أفردا لنقصان تمكّنهما فى حال الإضافة، ألا تراهما لا يرفعان مضافين، وليس بعد نقصان التمكّن مع حذف المضاف إليه، وهو جار مجرى بعض أجزاء المضاف إلا البناء، وليس كذلك «كلّ وبعض»، لأنهما اسمان متمكّنان كلّ التمكّن، فأنعم النظر فيما ذكرته لك من هذه الفصول، لتعرف حقيقتها بتوفيق الله.