للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«حجارة غيل» خبر مبتدأ محذوف، أى هى حجارة غيل، وأداة التشبيه محذوفة، كما قال:

فهنّ إضاء صافيات الغلائل (١)

أى مثل إضاء، والإضاء: الغدران، واحدها: أضاة، فعلة جمعت على فعال، كرقبة ورقاب، شبّه الدّروع فى صفائها بالغدران، ومثله فى حذف حرف التشبيه فى التنزيل: {وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ} (٢) أى مثل أمّهاتهم فى تحريمهنّ عليهم، والتزامهم تعظيمهنّ.

وأما قوله: «مدبرا» فحال من الهاء، والعامل على رأى أبى علىّ ما تقدّره فى المضاف إليه من معنى الجارّ، يعنى أن التقدير: كأنّ حوامى ثابتة له مدبرا، أو كائنة له، قال: ولا يجوز تقديم هذه الحال، لأنّ العامل فيها معنى لا فعل محض، قال: ولا يجوز أن يكون العامل فى قوله: «مدبرا» ما فى «كأن» من معنى الفعل، لأنه إذا عمل فى حال لم يعمل فى أخرى، يعنى أنّ «كأن» قد عمل فى موضع «خضبن» النصب على الحال، فلا يعمل فى قوله: «مدبرا». وهذا القول يدلّ على أنه يجيز أن ينصب حال المضاف إليه العامل فى المضاف، وإذا كان هذا جائزا عنده، وقد قرّرت لك أن تجعل (٣) «خضبن» خبر كأن، فالعامل إذا


(١) صدره: علين بكديون وأبطنّ كرّة وهو للنابغة، يصف دروعا بالصفاء. والكديون: دهن من الزيت أو الدّسم تجلى به الدّروع. والكرّة. البعر، وقيل: سرقين وتراب يدقّ ثم تجلى به الدروع أيضا. ديوان النابغة ص ١٤٧، وكتاب الشعر ص ٣٣٣، وحواشيه، وإيضاح شواهد الإيضاح ص ٨٥،٧٩١. وقد أعاد ابن الشجرى موضع الشاهد من البيت فى المجلس السابع والعشرين.
(٢) الآية السادسة من سورة الأحزاب.
(٣) فى هـ‍: «وقد قررت أن يجعل خضبن كأن فالعامل. . .» وهو كلام مضطرب أصلحه مصحح الطبعة الهندية بزيادة «عامل»، ولكنّه بقى على فساده. وفى الخزانة ٣/ ١٦٥ عن ابن الشجرى: «وإذا كان هذا جائزا عنده فإن جعل خضبن خبر كأنّ فالعامل. . . .» وهو تغيير من البغدادىّ لكلام ابن الشجرىّ.