للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٩ - الأصل فى «رب» أن تدخل على الفعل الماضى، أما دخولها على المضارع فى قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ}، فقد تأوله النحويون على أقوال، حكاها ابن الشجرى، مضعّفا لبعضها، ومقوّيا لبعضها الآخر. قال (١): «فمن أقوالهم أنه حكاية حال قد مضت، ومنها إضمار «كان» بعد «ربما»، وهو أردأ ما قيل فيه، وأجودها أن «ربما» فى الآية دخلت على الفعل المستقبل، لصدق المخبر سبحانه وعلمه بما سيكون، كعلمه بما كان، فإخباره بما لم يكن كإخباره بالكائن، ألا ترى أن قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ} جاء فى اللفظ كأنه قد كان، وهو لصدقه كائن لا محالة».

وهذا القول الذى ارتضاه ابن الشجرى راجع إلى كلام الفراء (٢)، وقد حكاه ابن الشجرى فى المجلس الثامن والستين، عن علىّ بن عيسى الرّمانى، لكن لابن الشجرى فضل بسط العبارة وبيانها.

ولم يصرح ابن الشجرى بمن قال بإضمار «كان» بعد «ربما». وقد أفاد أبو البركات الأنبارى (٣) أنه أبو إسحاق، وهو الزجاج.

٦٠ - ذكر ابن الشجرى (٤) من معانى «أو» أن تكون بمعنى «إن» الشرطية مع الواو، كقولك: لأضربنك عشت أو مت، معناه: إن عشت بعد الضرب وإن مت، ومثله: لآتينك إن أعطيتنى أو حرمتنى، معناه: وإن حرمتنى.

وحكاه عن ابن الشجرى ابن هشام والسيوطى (٥)، وتعقبه ابن هشام، فقال: «وينبغى لمن قال: إنها تأتى للشرطية، أن يقول: وللعطف، لأنه قدّر مكانها: وإن، والحق أن الفعل الذى قبلها دالّ على معنى حرف الشرط، كما قدره


(١) المجلس الثالث والسبعون.
(٢) معانى القرآن ٢/ ٨٢.
(٣) البيان ٢/ ٦٣.
(٤) المجلس الخامس والسبعون.
(٥) المغنى ص ٧٠،٧١، والهمع ٢/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>