للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«ما» فى قوله: «ما ارتوى» مصدريّة، وأبو طالب (١) العبدىّ لم يعرف فى هذا البيت إلا نصب الماء، ولم يتّجه له إلا إسناد ارتوى إلى مرتو، وذلك أنه قال:

معنى ما ارتوى الماء مرتو: ما شرب الماء شارب.

ثم قال: وأمّا ما ذكره الشيخ أبو على من قوله: وإن حملت العطف على كان، كان «مرتو» فى موضع نصب، وإن حملته على ليت، نصبت قوله:

«وشرّك» ومرتو مرفوع، فكلام لم يفسّره رحمه الله.

ثم قال: ومرّ بى بعد هذا فى تعليقى، كلام للشيخ أبى علىّ، أنا حاكيه على الوجه، وهو أنه أورد البيت، ثم قال بعد ايراده: ليت محمول على إضمار (٢) الحديث، وكفافا: خبر كان، فأمّا قوله: «وشرّك عنّى ما ارتوى الماء مرتوى» فقياس من أعمل الثانى أن يكون «شرّك» مرتفعا بالعطف على كان، ومرتو فى موضع نصب، إلا أنه أسكن فى الشعر، مثل:

كفى بالنّأى من أسماء كافى (٣)

ومن أعمل الأول نصب «شرّك» بالعطف على ليت، ومرتو فى موضع رفع، لأنه الخبر، وما ارتوى الماء: فى موضع نصب، ظرف، يعمل فيه مرتو، هذا ما ذكره أبو على.

ثم قال العبدىّ: وقد تقدّمت مطالبتى بفاعل ارتوى، وإذا ثبت ما ذكرته، علم أن الأمر على ما قلته، والمعنى عليه لا محالة، انتهى كلام العبدىّ.


(١) هو أحمد بن بكر، أخذ عن السيرافى والرمانى، وصحب أبا على، واعتنى بكتابه «الإيضاح» وشرحه شرحا شافيا كافيا. توفى سنة (٤٠٦). نزهة الألباء ص ٣٣٦، وإنباه الرواة ٢/ ٣٨٦، وانظر مقدمة كتاب الشعر ص ٧.
(٢) فى هـ‍: أصاب الحديث.
(٣) تقدم قريبا.