للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى حبست عن الفرار نفسا حرّة، تثبت إذا تطلّعت أنفس الجبناء، فالتقدير: ائتيا طائعتين أو كارهتين.

وقوله: {طَوْعاً} مصدر طعت طوعا، كقولك: عدت/عودا، ودرت دورا، وهو بمعنى أطعت إطاعة.

وأمّا القول فإن العرب قد تصرّفت فيه على معان، فمنها أنهم نزّلوه بمنزلة الكلام، فعبّروا به عن الصوت والحرف، وفرّق النحويون بينه وبين الكلام، فقالوا:

إن الكلام يتناول المفيد خاصّة، والقول يقع على المفيد وغير المفيد، فهو أعمّ، لأن كلّ كلام قول، وليس كلّ قول كلاما.

ومن معانى القول: أنهم عبّروا به عن حديث النّفس، فقالوا: قلت فى نفسى كذا وكذا، ومن هذا الضّرب فى التنزيل: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ} (١) والكلام لا يكون إلا بحرف وصوت، فلذلك لا يجوز: تكلّمت فى نفسى، كما جاز: قلت فى نفسى.

ومنها: أنهم استعملوه بمعنى الاعتقاد والرأى، فقالوا: هذا قول الخوارج، أى اعتقادهم ورأيهم.

ومنها: أنهم استعملوه بمعنى الحركة والإيماء بالشىء، فقالوا: قال برأسه كذا فنطحنى، وقال بيده كذا فطرف عينه، وقالت النخلة هكذا (٢) فمالت، فعبّروا بالقول عن الفعل الذى هو حركة.

وقد أسندوا القول إلى مالا يصحّ منه نطق من (٣) الجمادات وغيرها، كقول الراجز:


(١) سورة المجادلة ٨.
(٢) فى هـ‍: «وقالت النخلة كذا تمايلت». وفى شرح الشواهد الكبرى للعينى ١/ ٣٦٢: «كذا أى مالت». وقد ذكر العينىّ الأقوال الخمسة التى أوردها ابن الشجرى، بألفاظه، ولم ينسبها إليه. وانظر معانى أخرى للقول فى النهاية ٤/ ١٢٣،١٢٤.
(٣) فى هـ‍: كالجمادات.