للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدح فى هذا البيت ثعلبة ورياحا، وذمّ طهيّة والخشاب، فلذلك وصف ثعلبة بالفوارس، فالتقدير إذن: أحقرت ثعلبة؟ ولم يجز إضمار عدلت، لتعدّيه بالباء.

وتقول فى الأمر والنهى: زيدا أكرمه، وعمرا لا تضربه، تقدّر الناصب على ما مثّلته لك، فتقدّر للأول: أكرم، وللثانى: لا تضرب.

ولو رفعت فى هذه المواضع، فقلت: أزيد ضربته؟ وزيد أكرمه، وعمرو لا تضربه، جاز ذلك على ضعف، وإنما ضعف فى الاستفهام، لأن الاستفهام يطلب الفعل، ولو أنك حذفت حرف الاستفهام من قولك: أزيدا ضربته، عمل الابتداء، وضعف النصب، لزوال المقتضى له، كما يضعف الرفع إذا قلت: أزيد ضربته؟

والجملتان الأمريّة والنّهييّة يضعف الإخبار بهما، لأن الخبر حقّه أن يكون محتملا للتصديق والتكذيب (١)

قال أبو علي: قد كنت أستبعد إجازة سيبويه الإخبار بجملتى الأمر والنهى، /حتى مرّ بى قول الشاعر:

إن الذين قتلتم أمس سيّدهم ... لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما (٢)


(١) حكى الشيخ خالد هذا الكلام عن ابن الشجرىّ، ثم قال: «قاله ابن الشجرى، ونوقش فيه». وقال الشيخ يس فى حاشيته: «وجه المناقشة أن الخبر المحتمل لما ذكر يقابل الإنشاء، أى الكلام الخبرىّ، لا خبر المبتدأ» التصريح وبحاشيته يس ١/ ٢٩٨.
(٢) البيت من غير نسبة فى المغنى ص ٥٨٥، والتصريح ١/ ٢٩٨، والهمع ١/ ١٣٥، ونسبه البغدادى إلى أبى مكعت. الخزانة ١٠/ ٢٤٧،٢٥٠، وشرح أبيات المغنى ٧/ ٢٢٩. و «أبو مكعت» بضم الميم وسكون الكاف وكسر العين-بوزن محسن-شاعر من بنى أسد، قدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأنشده شعرا، وقد اختلف فى اسمه. راجع أسد الغابة ٦/ ٢٩٨، والتاج (كعت).