للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة الإعراب. قال الزجاج فى تقدير المحذوف: فكما تكرهون أكل لحمه ميتا، كذلك تجنبوا ذكره بالسوء غائبا. وقال أبو على فى «التذكرة»: فكما كرهتم أكل لحمه ميتا فاكرهوا غيبته واتقوا الله.

ثم أخذ على الفراء إغفاله لجانب المعنى، قال: وقال الفراء: فقد كرهتموه فلا تفعلوه، يريد: فقد كرهتم أكل لحمه ميتا فلا تغتابوه، فإن هذا كهذا، فلم يفصح بحقيقة المعنى.

٦ - قال ابن الشجرى (١) فى بيت المتنبى:

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت ... لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

«والمصدر الذى هو «مفارقة» مضاف إلى فاعله، وليس بمضاف إلى مفعوله، كإضافة السؤال فى قوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ}، ولا يحسن أن تقدر: لولا مفارقة المحبين الأحباب، وإن كان ذلك جائزا من طريق الإعراب، لأن المحب لا يوصف بمفارقة محبوبه، وإيجاد سبيل للمنية إلى روحه، وإنما هو مفارق لا مفارق».

٧ - وجّه ابن الشجرى (٢) قوله تعالى: {وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} على حذف اللام. قال: «معناه: كالوا لهم أو وزنوا لهم، وأخطأ بعض المتأولين فى تأويل هذا اللفظ، فزعم أن قوله: «هم» ضمير مرفوع، وكّدت به الواو، كالضمير فى قولك: خرجوا هم، «فهم» على هذا التأويل عائد على «المطففين».

ويدلك على بطلان هذا القول عدم تصوير الألف بعد الواو فى {كالُوهُمْ} و {وَزَنُوهُمْ}، ولو كان المراد ما ذهب إليه هذا المتأول، لم يكن بدّ من إثبات ألف بعد الواو، على ما اتفقت عليه خطوط المصاحف كلها، فى نحو {خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} و {قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ} وإذا ثبت بهذا فساد قوله، فالضمير الذى هو «هم» منصوب بوصول الفعل إليه، بعد حذف اللام، وهو عائد على {النّاسِ}


(١) المجلس الحادى والثلاثون.
(٢) المجلس الثالث والأربعون.

<<  <  ج: ص:  >  >>