للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انصرم الشتاء قفلت، ولا تقول: إن جاء الصيف، ولا إن انصرم الشتاء، لأن الصيف لا بدّ من مجيئه، والشتاء لا بدّ من انصرامه، وكذا لا تقول: إن جاء شعبان، كما تقول: إذا جاء شعبان، وتقول: إن جاء زيد لقيته، فلا تقطع بمجيئه، فإن قلت: إذا جاء، قطعت بمجيئه، فلما خالفت إذا إن، فيما تقتضيه إن من الإبهام، لم يجزموا بها فى سعة الكلام.

و «لو» من الحروف التى تقتضى الأجوبة، وتختصّ بالفعل، ولكنهم لم يجزموا به، لأنه لا ينقل الماضى إلى الاستقبال، كما تفعل حروف الشرط، تقول: لو زارنى زيد أمس أكرمته، وربّما جزموا به فى الضرورة، قالت امرأة من بنى الحارث بن كعب:

فارسا ما غادروه ملحما ... غير زمّيل ولا نكس وكل (١)

لو يشاء طار به ذو ميعة ... لاحق الآطال نهد ذو خصل

غير أن البأس منه شيمة ... وصروف الدّهر تجرى بالأجل

واقتدى بها فى الجزم (٢) [به] أبو الحسن الرضىّ، رضي الله عنه، فقال فى قصيدة، رثى بها أبا إسحاق إبراهيم بن هلال الصابىّ:

إنّ الوفاء كما اقترحت فلو تكن ... حيّا إذا ما كنت بالمزداد (٣)

قولها: «فارسا ما غادروه» نصبت «فارسا» بمضمر فسّره «غادروه»، و «ما» زيادة/والملحم: الذى أحيط به فى الملحمة، وهو الموضع الذى يلتحم فيه المحاربون.

والزّمّيل: الجبان الضّعيف.


(١) سبقت الأبيات فى المجلس الثامن والعشرين.
(٢) ليس فى هـ‍.
(٣) وهذا أيضا تقدم فى المجلس المذكور.