للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمعنى: أقسم بتعميرك الله، أى بإقرارك له بالدّوام والبقاء.

وذكر أبو العباس بعد عمرك الله: قعدك الله لا تقم، فنزّل عمرك الله منزلة قعدك الله، قال: وإن شئت: قعيدك الله، وهذا دليل قاطع على نصبه عنده، بتقدير: أقسم بعمرك الله.

وقال أبو عليّ: عمرك الله، مصدر، استعملوه بحذف الزوائد كقوله (١):

/فإن يبرأ فلم أنفث عليه ... وإن يهلك فذلك كان قدرى

أى تقديرى، وأصله بالزيادة: تعميرك الله، ألا ترى أن الفعل لمّا ظهر، كان على فعّلت فى قولك (٢):

عمّرتك الله إلاّ ما ذكرت لنا

والأصل فيه: عمّرتك الله تعميرا، مثل تعميرك إياه نفسك، أى سألت الله تعميرك، مثل سؤالك إياه تعمير نفسك، فالتعمير الأول مضاف إلى الفاعل، يعنى الكاف، قال: والاسمان الآخران مفعول بهما، يعنى إياه نفسك، قال: ثم اختصر هذا الكلام، وحذفت زوائد المصدر. انتهى كلامه.

ويجب أن ترعى قلبك ما أقوله فى تفسير قول أبى علىّ، وذلك أن الأصل كما ذكر: عمّرتك الله تعميرا، مثل تعميرك إيّاه نفسك، فحذفوا الفعل والفاعل والمفعولين، فبقى تعميرا مثل تعميرك إياه نفسك، ثم حذفوا الموصوف الذى هو «تعميرا»، وقامت صفته التى هى «مثل» مقامه، فبقى: تعميرك إياه نفسك، ثم حذفوا زوائد المصدر، فبقى: عمرك إياه نفسك، فوضع الظاهر فى موضع المضمر، أعنى وضعوا لفظة «الله» موضع «إياه» فصار: عمرك الله نفسك،


(١) هو يزيد بن سنان. المفضليات ص ٧١، وتخريجه فيه.
(٢) الأولى: «قوله» فهو من قول الأحوص السابق.