للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله تعالى: {وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ. فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ} (١) فإنّ الفاء جواب «أمّا» لأمرين، أحدهما: تقديمها على «إن» والآخر:

أنّ جواب «أمّا» لا يحذف في حال السّعة والاختيار، وجواب «إن» قد يحذف فى الكلام، نحو ما قدّمته، ومنه قوله تعالى: {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ} (٢) أى إن كنتم تؤمنون بالله فردّوه إلى الله والرسول، ونظيره فى الكلام: أنت (٣) ظالم إن فعلت، حذفت جواب إن فعلت، لدلالة قولك:

أنت ظالم، عليه.

فإن قيل: قد جاء حذف جواب «أمّا» فى القرآن فى قوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ اِسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} (٤).

قيل: إنما جاز ذلك، لأن تقدير الجواب: فيقال لهم: أكفرتم، والقول إذا أضمر (٥)، فهو كالمنطوق به.

وممّا سدّ فيه الجواب مسدّ الجوابين، قوله تعالى: / {وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ} (٦) قوله: {لَعَذَّبْنَا} سدّ مسدّ الجوابين، جواب لولا، وجواب لو، وكثيرا ما يحذفون جواب «لو» وذلك نحو


(١) سورة الواقعة ٩٠،٩١، وراجع الكتاب ٣/ ٧٩، والمقتضب ٢/ ٧٠، والبحر ٨/ ٢١٦، وتقدم فى الزيادة الملحقة بالمجلس الحادى والثلاثين.
(٢) سورة النساء ٥٩.
(٣) الكتاب، الموضع السابق، والبغداديات ص ٣٢٧،٤٥٩، والخصائص ١/ ٢٨٣.
(٤) سورة آل عمران ١٠٦.
(٥) راجع معانى القرآن ١/ ٢٢٨، ودراسات لأسلوب القرآن ١/ ٣٣٢، وقد تكلم ابن الشجرى على إضمار القول فى المجالس: التاسع، والمتمّ الستين، والثامن والسبعين.
(٦) سورة الفتح ٢٥، وتقدم فى المجلس الحادى والثلاثين.