للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: {فَقُلْنا اِضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ الْمَوْتى} (١) التقدير: فضربوه فحيى، كذلك يحيى الله الموتى.

وممّا حذف منه ثلاث جمل وثلاثة عواطف، قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} (٢) ثم قال: {يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا} وإنما التقدير: فأرسلوه فأتى يوسف فقال له: يوسف أيّها الصّديق.

وممّا حذف منه همزة الاستفهام مع ما دخلت عليه من الكلام، قوله تعالى:

{وَجَعَلَ لِلّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النّارِ أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً} (٣) جاء فى التفسير، أن المعنى: أهذا أفضل أم من هو قانت؟ فحذف ذلك اكتفاء بالمعرفة بالمعنى، وأنشدوا للأخطل (٤):

لمّا رأونا والصّليب طالعا ... ومارسرجيس وموتا ناقعا

خلّوا لنا راذان والمزارعا ... وحنطة طيسا وكرما يانعا

كأنّما كانوا غرابا واقعا

أراد: فطاروا كأنهم كانوا غرابا، فحذف اللفظ الذى فيه المعنى، لأنه قد علم ما أراد بتشبيههم بالغراب، ولا معنى لتشبيههم به، إلا كون انهزامهم كطيرانه، فحذف الفعل والفاعل مع العاطف، وشبيه بذلك قول جرير (٥):


(١) سورة البقرة ٧٣.
(٢) سورة يوسف ٤٥،٤٦، وانظر زاد المسير ٤/ ٢٣١، والبحر، الموضع السابق، وأيضا ٥/ ٣١٥، وراجع ما تقدم فى المجلس الثالث والعشرين.
(٣) سورة الزمر ٨،٩.
(٤) ديوانه ص ١٢٩،٧٤٤. ومارسرجيس: قدّيس مشهور عندهم. والناقع: الدائم، ويقال: سمّ ناقع: أى بالغ قاتل. وراذان: موضع بسواد العراق. والطّيس: الكثير. وأراد بالغراب غربانا، فهو من باب إطلاق المفرد، وإرادة الجمع.
(٥) ديوانه ص ٨٨٠، والنقائض ص ٥٤٠، وأمالى المرتضى ٢/ ٧٢. وقوله «بخور» من الخور، وهو الضعف. ويقال: خار يخور: إذا ضعفت قوّته ووهت.