للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى (١): وقيل له: اعملوا آل داود شكرا، فالخطاب له فى اللفظ، وله ولأهل بيته فى المعنى، كما قال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ} (٢) وكما قال: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اِتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} (٣) ثم قال: {وَاِتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً} فالخطاب فى هذا ونظائره له ولأمّته.

وهاهنا سؤال، وهو: كيف قال: (اعملوا شكرا) ولم يقل: اشكروا، كما قال: {وَاُشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٤) ولم يقل: اعملوا له شكرا، وكما قال:

{وَاُشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} (٥) ولم يقل: واعملوا لى شكرا، وكلام العرب أن يقولوا:

شكرت لفلان، وشكرت فلانا، ولا يقال: عملت له شكرا، وهذا ممّا سئلت عنه قديما، سألنى عنه بعض أفاضل العجم.

والجواب: أن قوله {شُكْراً} ليس بمفعول (٦) [به] وإنما هو مفعول له (٧)، ومفعول: {اِعْمَلُوا} /محذوف، والمراد: اعملوا الأعمال الصالحة شكرا على هذه النّعم.

وممّا جاء فيه حذفان، قول أوس بن حجر (٨):

حتّى إذا الكلاّب قال لها ... كاليوم مطلوبا ولا طلبا

أراد: قال للبقر والكلاب: لم أر كاليوم مطلوبا وطالبا (٩)، فحذف النافى


(١) فى هـ‍: أى اشكروا وقيل له. . .
(٢) أول سورة الطلاق.
(٣) أول سورة الأحزاب، والآية الثانية.
(٤) سورة العنكبوت ١٧.
(٥) سورة البقرة ١٥٢.
(٦) زيادة من هـ‍.
(٧) ووجه ثان عند أبى إسحاق الزجاج: أن يكون منصوبا على المفعول المطلق، على معنى: اشكروا شكرا. ذكره فى معانيه ٤/ ٢٤٧، وحكاه عنه أبو جعفر النحاس، فى إعرابه ٢/ ٦٦١.
(٨) ديوانه ص ٣، وتخريجه فى ص ١٤٥.
(٩) فى مطبوعة الأمالى: «وطلبا». وانظر ما يأتى.