للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذهبت/بغير «إلى» إلاّ فى الشّام، وليس كذلك دخلت، بل هو مطّرد فى جميع الأمكنة، نحو: دخلت المسجد، ودخلت السّوق، فمذهب سيبويه (١) أن البيت ينتصب بتقدير حذف الخافض، وخالفه فى ذلك أبو عمر الجرمىّ، فزعم أن البيت مفعول به، مثله فى قولك: بنيت البيت، واحتجّ أبو عليّ لمذهب سيبويه، بأنّ نظير دخلت ونقيضه، لا يصلان إلى المفعول إلاّ بالخافض، فنظيره: غرت، ونقيضه خرجت، فلما قالوا: غرت فى البيت، وخرجت من البيت، كان حكم دخلت كحكمهما (٢) فى التعدّى بالخافض، ولما عدّوا خرجت بمن، وهى لابتداء الغاية، دلّ على أن دخلت حكمه التعدية بإلى، لأنها لانتهاء الغاية.

واحتجّ أبو علي أيضا بأنّ مصدر دخل، جاء على الفعول، والفعول فى الأغلب إنما يكون للأفعال اللازمة، نحو صعد صعودا، ونزل نزولا، وخرج خروجا، ولغب لغوبا، وشحب لونه شحوبا، وسهم وجهه سهوما، فجعل الدخول دليلا على أنّ دخل فى أصل وضعه مستحقّ للتعدية بالخافض، الذى هو «إلى» وقد تعدّى بفى، كما عدّى بها غرت، فيقال: دخلت فى البيت، كما يقال: دخلت فى هذا الأمر، ومثل ذلك فى التنزيل: {اُدْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} (٣).

فإن قيل: إنّ تعديته بفى إنما جاء فى غير الأمكنة.

قيل: وقد جاء فى الأمكنة كقول أعرابيّ أدخل حمّاما:


(١) الكتاب ١/ ٣٥،١٥٩. وبيان مذهب سيبويه فى هذه المسألة والردّ عليه، تراه فى حواشى المقتضب ٤/ ٣٣٧، وانظر الأصول ١/ ١٧٠،١٧١،٢/ ٥٤، وشرح الحماسة ص ١١٢١، واللسان (دخل).
(٢) فى الأصل: حكمها.
(٣) سورة البقرة ٢٠٨.