للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصغير أفعلاء على لفظه، وإن كان من أبنية الكثرة، لأنّ وزنه نقص بحذف لامه، فصار أفعاء، فشبّهوه بأفعال، فصغّروه.

وقول أبى علىّ فى أشياء: «إن أصلها أفعلاء، وحذفت الهمزة التى هى لام حذفا، كما حذفت من قولهم: سوائية، ولزم حذفها من أفعلاء لأمرين، أحدهما:

تقارب الهمزتين، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة مفردة، فجدير إذا تكررت أن يلزم الحذف» يعنى أن الهمزتين/فى أشيئاء تقاربتا، حتى لم يكن بينهما فاصل إلا الألف مع خفائها، فهى كلا فاصل، وإذا كانوا قد حذفوا الهمزة المفردة في سوائية، فحذف الهمزة التى وليتها همزة أولى.

وقوله: «ولزم حذفها فى أفعلاء لأمرين» أراد أن يعرّفك بذلك أن حذفها فى سواية، لم يلتزموه، فأحد الأمرين الداعيين إلى حذفها تقارب الهمزتين، ثم قال:

«والآخر أن الكلمة جمع، وقد يستثقل في الجموع مالا يستثقل فى الآحاد، بدلالة إلزامهم خطايا: القلب، وإبدالهم من الأولى فى ذوائب: الواو» يعنى أن الهمزة حذفت فى سوائية، وهو اسم غير جمع، فكان حذفها من أشياء، أجدر، لكونه جمعا، والجمع ثقيل، لأن الجموع فروع على الآحاد، فلذلك التزموا في خطايا قلب همزة خطيئة ياء، وكان أصلها: خطائىء، بهمزتين، مثل خطاعع، الأولى منهما منقلبة عن ياء خطيئة، كما انقلبت ياء صحيفة همزة فى صحائف، والثانية همزة خطيئة، فاستثقلوا اجتماع الهمزتين فى خطائىء، فأبدلوا المتطرّفة ياء، فصار:

خطائى، فاستثقلوا الكسرة فى همزة بعدها ياء، فأبدلوا الكسرة فتحة، إذ كانوا قد قالوا فى المدارى (١): مدارا، فأبدلوا من كسرته فتحة، وهى في حرف صحيح، فكان إبدالها فى حرف علّة واجبا، فصار حينئذ إلى خطاء، فوقعت الهمزة بين ألفين، والهمزة أخت الألف، فتوالت ثلاثة أمثال، فأبدلوا الهمزة ياء.


(١) المدارى: جمع المدرى والمدراة، وهى شيء يعمل من حديد أو خشب، على شكل سنّ من أسنان المشط وأطول منه، يسرّح به الشّعر المتلبّد، ويستعمله من لا مشط له. النهاية ٢/ ١١٥.