للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكإيقاع كثير فى موضع (١) كثيرين، وقليل فى موضع (٢) قليلين، فكثير فى قوله تعالى: {رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً} (٣) وقليل فى قوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} (٤) فالشكور اسم جنس صيغ على مثال فعول للمبالغة، كالعفوّ والغفور، فالمعنى:

وقليلون من عبادى الشاكرون، وكون اسم الجنس مشتقّا قليل، وإنما يغلب على أسماء الأجناس الجمود، كالدّينار والدّرهم، والقفيز والإردبّ، فى قولهم: «عزّ الدّينار والدرهم (٥)، وكثر القفيز والإردب» يريدون: عزّت الدنانير والدّراهم، وكثرت القفزان والأرادب.

ومن ذلك الملك والإنسان، فى قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها} (٦) وفى قوله تعالى: {وَإِنّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها} (٧) أراد: والملائكة على جوانبها، وإنا إذا أذقنا الناس، فلذلك قال: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ}.

وممّا جاء من المشتقّ يراد به/الجنس: المفسد والمصلح، فى قوله تعالى:


= ومعنى «كانوا أنجيه» أى صاروا فرقا لما حزبهم من الشّرّ، ودهمهم من الخوف، يتناجون ويتشاورون. ويروى «أنحيه» بالحاء المهملة، أى انتحوا عن عمل يعملونه. التهذيب ٥/ ٢٥٤، واللسان (نحا).
(١) فى هـ‍: موقع.
(٢) يرى الأستاذ الجليل الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة-رحمه الله وبرّد مضجعه-أن جمع «كثير وقليل» جمع مذكر سالما، مما انفرد به ابن الشجرى، وأنه لم يجد ذلك فى شيء من كتب النحو. وقد عرضت لذلك فى الفقرة (١١) من آراء ابن الشجرى النحوية. وانظر كلام ابن الأثير على «كثير وقليل» فى منال الطالب ص ٤٢٥.
(٣) مفتتح سورة النساء.
(٤) سورة سبأ ١٣.
(٥) ويقال أيضا: «أهلك الناس الدينار والدرهم» و «كثر الدّرهم والدينار فى أيدى الناس». الكامل ص ٧٩٥، والأصول ١/ ١٥٠، ومعانى القرآن للزجاج ١/ ٣٦٩،٥/ ٣٥٩، وسرّ صناعة الإعراب ص ١٥،٣٥٠.
(٦) سورة الحاقة ١٧.
(٧) سورة الشورى ٤٨.