لأنهما جعلا اسمين لوقت منحصر، ولم يفعلوا ذلك فى ضحوة وعشية، لأنهما لوقتين متسعين، ومما يحتج به لليحصبى والسلمى أن بعض أسماء الزمان قد استعملته العرب معرفة بغير الألف واللام، وقد سمع منهم إدخال الألف واللام عليه، نحو ما حكاه أبو زيد من قولهم: لقيته فينة فينة يا فتى، غير مصروف، ولقيته الفينة بعد الفينة، أى الحين بعد الحين، ووجه إدخال الألف واللام فى هذا الضرب أنه يقدر فيه الشياع».
٢ - حكى ابن الشجرى (١) اختلاف القراء فى إعراب قوله تعالى: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب {يَوْمُ} ورفعه. وقال فى آخر ما حكاه:
«وقد قرئ فيما شذ من القراءات السبع: {هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} بنصب {صِدْقُهُمْ} مع نصب {يَوْمُ}، وإسناد {يَنْفَعُ} إلى ضمير راجع إلى الله سبحانه وتعالى. ويحتمل نصب {صِدْقُهُمْ} ثلاثة أوجه، أحدها: أن يكون مفعولا له، أى ينفع الله الصادقين لصدقهم، والثانى أن تنصبه على المصدر، لا بفعل مضمر، ولكن تعمل فيه {الصّادِقِينَ}، فتدخله فى صلة الألف واللام، وتقدير الأصل: ينفع الله الصادقين صدقا، ثم أضيف إلى ضمير «هم» فقيل: صدقهم، كما تقول: أكرمت القوم إكراما، وأكرمتهم إكرامهم، قال الله تعالى فى الإفراد:
{وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً} وفى الإضافة: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ}، ومثله:
{وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً} و {إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها} والثالث: أن تنصبه بتقدير حذف الباء، لأنك تقول: نفعته بكذا، فيكون الأصل: ينفع الله الصادقين بصدقهم، فلما سقطت الباء وصل الفعل، ومثله فى إسقاط الباء ثم إيصال الفعل قوله سبحانه:{إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ} أى بأوليائه، لأن المعنى يخوّفكم بهم، ويدلك عليه قوله:{فَلا تَخافُوهُمْ}.