للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ابنة عمّا لا تلومى واهجعى

ومنهم من يحذف الألف ويبقى الفتحة فيقول: يا ابن أمّ، ويا ابن عمّ.

وإنما كان القياس إثبات الياء، دون حذفها؛ لأن حذفها إنما يقوى إذا كان المنادى مضافا إليها كقولك: يا غلام، فيحذفونها كما يحذفون التنوين فى قولهم:

يا غلام، إذا أرادوا غلاما بعينه، فإذا قالوا: يا غلام غلامى، ضعف حذفها؛ لأن الغلام الثاني غير منادى.

وإنما جاز حذفها فى قولهم: يا ابن أمّ ويا ابن عمّ، ولم يكره/كما كره فى قولك: يا غلام غلامى، لأن إضافة ابن إلى هذين الاسمين مما كثر استعماله، فتغيّرا عن أحوال نظائرهما، ألا ترى أن العربيّ يلقى العربيّ الأجنبيّ وهو لا يعرفه، فيقول له يا ابن عمّ، وكذلك يقول من لا نسب بينه وبينه: يا ابن أمّ، كما يقول له: يا أخي.

فأما اختلاف القرّاء فى قوله تعالى، حاكيا عن هارون فى خطابه لموسى عليهما السلام: {يَا بْنَ أُمَّ} (١) فقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم:

يا ابن أمّ، بنصب الميم، وقرأ عاصم فى رواية أبى بكر، وابن عامر وحمزة والكسائىّ:

يا ابن أمّ، بكسر الميم.

فمن فتح الميم احتمل قوله أمرين: أحدهما أنه أراد: يا ابن أمّا، فحذف الألف كما يحذف الياء، إذا قال: يا غلام، وإن كان الغلام منادى والأمّ غير مناداة، ولكن جاز ذلك ولم يكره لما ذكرته من كثرة استعمالهم: يا ابن أمّ، والفتحة فى «ابن» على هذا القول نصبة، كالفتحة فى قولك: يا عبد الله.


(١) سورة طه ٩٤. وانظر السبعة ص ٤٢٣، وأيضا ص ٢٩٥، عند الآية (١٥٠) من سورة الأعراف، وتلاوتها قالَ اِبْنَ أُمَّ. والكشف ١/ ٤٧٨، وانظر الموضع المذكور فى التعليق السابق من الكتاب والمقتضب، ومعانى القرآن للفراء ١/ ٣٩٤، وللزجاج ٢/ ٣٧٨، وشرح الرضى على الكافية ١/ ٣٩٢، والبحر ٤/ ٣٩٦.