للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهذا القول من المبرّد وفاق لقول من زعم أنه ليس فى العرب أثالة علما، فإن صح هذا فقد بطل كونه مرخّما، وبطل أيضا قول أبى العباس إنه مفعول معطوف على المضمر المنصوب فى قوله: «يؤرقنى» لأن أثالا من الجماعة المؤرّقين لابن أحمر، فلم يرد يؤرّقنى ويؤرّق أثالا، فإنما ذكر عظيم ما يلاقيه لفراق هؤلاء المذكورين من الشوق والسّهر، إن كانوا فارقوه أحياء، أو ما يلاقيه من الهمّ والحزن، إن كانوا فارقوه بالموت، كما قال بعض رواة شعره، ولم يخبر ابن أحمر بما فى قلب أثال، وما يقاسيه من الأرق أوانا بعد أوان، لفراق أبى حنش وطلق وعمّار.

وإذا بطل قول سيبويه، وقول أبى العباس أن أثالا من المؤرّقين، وثبت أنه من المؤرّقين، فانتصابه بفعل مضمر دلّ عليه الكلام، تقديره: وأتذكّر آونة أثالا، وقد مرّ بى أن الأثالة من الشىء بقيّته، إلاّ أنهم نصّوا على أن العرب لم يسمّوا به.

وزعم بعض رواة الشعر وأخبار العرب، أن هؤلاء الأربعة أصيب بهم ابن أحمر.

وقال راوية آخر: ليس الأمر على ما قال؛ لأن فى الشعر الذى فيه هذا البيت ما يدلّ على أنهم فارقوه أحياء، /وذلك قوله:

وأيام المدينة ودّعونا ... فلم يدعوا لقائلة مقالا (١)

فأيّة ليلة تأتيك سهوا ... فتصبح لا ترى منهم خيالا

ليلة سهو: أى ليّنة ساكنة، وقوله: «أية ليلة» استفهام مراد به النفى، أى ما من ليلة تأتيك ساكنة ليس فيها مانع من الرّقاد إلاّ وأنت ترى فيها خيالاتهم، ثم قال:

أبو حنش يؤرّقنى وطلق ... وعمّار وآونة أثالا


(١) سبقت القصيدة بتمامها فى المجلس الحادى والعشرين.