للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ببركة الصفر، وانتشر (١) الفرسان والرجال بفحص المرية وخارجها، وفى الحين أمر القائد أبو مدين بهدم ما قارب الأسوار من المبانى بخارج البلد، فهدمت، وسويت بالأرض، وسدّت أبواب البلد بالبناء إلا ما دعت الضرورة لتركه، وهيئت الأسوار للقتال، ولازمها الرماة والرجال.

وفى يوم الأربعاء ثانى يوم نزولهم احتفل النصارى فى أحفل زىّ، وأتوا يضربون الأبواق والطبول حتى انتهوا إلى أسوار البلد مما يلى الرجل، فقاتلوا البلد قتالا عظيما، وتكالبوا عليها تكالبا شديدا، وقد كان المسلمون على غير تعبئة (٢)، لخروجهم من البلد طمعا فى دفاع النصارى عند إقبالهم، لعدم الخبرة بحالهم؛ ففروا أمامهم إلى البلد ولجئوا إلى الأسوار، ودافعوهم بالقتال والسهام عن البلد، وعصم الله وهو نعم النصير.

وفى يوم الخميس خامس الشهر المذكور وصل الشيخان أبو العباس: أحمد ابن طلحة، وأبو عبد الله، محمد بن أبى بكر فى نحو مائة وخمسين فارسا، وكان أولادهم بالمرية، فما رآهم النصارى وقد أطلوا خرجوا إليهم فى خيلهم ورجلهم ومعهم الطاغية ملكهم، فصبر الغزاة القادمون لقتالهم أعظم صبر، وتجلّدوا على جلادهم غاية التجلد، واقتحموا على رغم أنوفهم، وتكرار ألوفهم حتى دخلوا البلد بعد أن هلك من خيلهم تسعة، وما نقص منهم عدد؛ فكانت هذه الكائنة مما أكمدت النصارى [وطاغيتهم أشد الوجد والكمد] (٣) وأدخلت عليهم حزنا وأمدت (٤) المسلمين بأعظم المدد.


(١) فى المطبوعة: «وانتهى».
(٢) فى س: «تهيئة».
(٣) ما بين القوسين ليس فى المطبوعة.
(٤) فى المطبوعة: «وفات المسلمون».