للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفى سائر هذا اليوم وصلت جيوش النصارى على البرّ بما عم السهل والوعر من الخيل والرجال، فأحدقوا بالبلد إحداق الهالة بالقمر، والأكمام بالثمر، وقد كان لحق أهل المرّية لأوّل حصارهم دهش فلمّا ناشبوهم القتال، واستقرّ بهم النّزال، ورأوا أن الحرب سجال، انبسطت للقتال نفوسهم، وثارت للحرب عزائمهم، وافترس رماتهم، وانتصر حماتهم، وصاروا يبادرون الحرب، ولا يهابون الطعن والضرب، وأخذ النصارى نفوسهم لأول الحصار (١) بالمواظبة على القتال، والمصابرة بالنزال، قلّما ذهب لهم يوم إلا بقتال جديد، وجعلوا يرتّبون الرجال أنطاقا على البلاد (٢)، ويضيّقون (٣) الطرق، ويحافظون على الرتب، ومهما ظهر لهم موضع راحة للبلاد، أو مسلك دخول أو خروج بادروا إليه ليسدوه، ونصبوا المجانيق وأعدوا الأثقاب] (٤) وضيقوا الحصار، وفتحوا إلى الحرب الأبواب.

فلما كان يوم الأحد ثامن عشر ربيع الأول المذكور احتفل الطاغية فى مواكبه وجنوده، ورايانه وبنوده، وأقبل نحو البلد فى عدد كثير حتى وافى باب «بجّانة» (٥) وهنالك أكثر نزولهم ومعظم قتالهم فأفاضوا فى المقاتلة، واستقبلهم المسلمون بأشد المدافعة.

وكذلك كانت الحروب بينهم فى عامة الأيام.

وفى يوم السبت الرابع عشر من الشهر المذكور أقبل جيش المسلمين من حضرة


(١) فى س: «الحرمان».
(٢) فى س: «البلد».
(٣) فى المطبوعة: «ويضربون».
(٤) ما بين القوسين ليس فى المطبوعة.
(٥) احدى مدن الاندلس الشهير. بينها وبين المرية خمسة أميال أو ستة. راجع جزيرة الاندلس ص ٣٧ - ٣٩.