للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

«غرناطة» طامعا فى نصرة البلد ودفاع العدو عنها، فخرج الطاغية إليهم، والتقى الجمعان، فكانت الكرّة على المسلمين، وقتل كثير من الرّجالة والفرسان، وفى خلال ذلك خرج جمع من أهل البلد، فاختلفوا إلى محلّة النصارى، فنهبوا منها كلّ ما قدروا عليه.

وفى يوم السبت الحادى والعشرين ضربوا ناقوسهم الكبير، وكانوا لا يضربونه إلا لركوب طاغيتهم، ودخلوا فى السلاح بأجمعهم، وأقبلوا محدقين بالبلد من جميع جهاته، وأعدّوا للقتال أبراجا سامية من الخشب تندفع على عجلات، وشحنوها بالرجال، وهيئوا سلاليم عالية على الأسوار، وأقبلوا يتقدمهم الرجال والرماة، ويتلوهم الفرسان، ففرّقوا ذلك على البلد، فدافعهم المسلمون وطرحوا عليهم الزّفت والقطران، ورموا بالنيران، حتى فرّ النصارى عنها، وتمكّن المسلمون من كثير منهم، وكان هذا اليوم من الأيام العظام.

وفى أوّل شهر ربيع الأخير أقبل جيش من حضرة «غرناطة» إلى «مرسانة» (١) ليرقبوا بها، فضيّقوا على النصارى تصرّفاتهم، وكانوا يخرجون من محلتهم صبيحة كلّ يوم فى جمع وافر من الفرسان ينتجون من الوادى على دوابهم أنواع العصير، وضروب الفواكه، ويجلبون الخشب لأبنيتهم، والحطب لوقودهم، فخرجوا على عادتهم يوم الأربعاء عاشر شهر ربيع الأخير، فلما بلغوا الوادى خرجت عليهم كمائن المسلمين فانهزموا أمامهم، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وغنموا دوابّهم وأسلجتهم، وكان عليهم فى ذلك بوار وانكسار.


(١) احدى مدن اشبيلية، جزيرة الاندلس ص ١٨١.