(١) - إحياء الموات إلى الوصايا أو نحوها وأحازنى بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وحضر تصديرى. فلما توفى سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوى، فقرأت عليه قطعة من المنهاج، وسمعت عليه في التقسيم إلا مجالس فاتتنى وسمعت دروسا من شرح البهجة ومن حاشية عليها، ومن تفسير البيضاوى. ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقى الدين الشبلى الحنفى. فواظبته أربع سنين، وكتب لى تقريظا على شرح ألفية ابن مالك وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لى-غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ورجع إلى قولى مجردا في حديث؛ فإنه أورد في حشيته على الشفاء حديث أبى الجمرا في الإسراء، وعزله إلى تخريج ابن ماجه، فاحتجت إلى إيراده بسنده، فكشفت ابن ماجه في مظنته، فلم أجده، فمررت على الكتاب كله، فلم أجده، فاتهمت نظرى، فمررت مرة ثانية فلم أجده، فعدت ثالثة فلم أجده؛ ورأيته في معجم الصحابة لابن قانع، فجئت إلى الشيخ وأخبرته، فمجرد ما سمع منى ذلك أخذ نسخته. وأخذ القلم فضرب على لفظ ابن ماجه، وألحق ابن قانع في الحاشية، فاعظمت ذلك وهبته لعظم منزلة الشيخ في قلبى. واحتقارى في نفسى، فقلت: ألا تصبرون لعلكم تراجعون! فقال: لا: إنما قلدت في قولى ابن ماجه البرهان الحلبى، ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات. . . ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود محيى الدين الكافيجى أربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول العربية والمعانى وغير ذلك، وكتب لى إجازة عظيمة. وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفى دروسا عديدة في الكشاف والتوضيح وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح والعضد. وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين، وبلغت مؤلفانى إلى الآن ثلاثمائة كتاب سوى ما رجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور. ولما حججت شربت من ماء زمزم، لأمور؛ منها أن أصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقينى، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ بن حجر. وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين. وعقدت إملاء الحديث في مستهل سنة اثنتين وسبعين، ورزقت التبحر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعانى، والبيان، والبديع، على طريقة العرب والبلغاء، لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة، والذى أعتقده أن الذى وصلت إليه من هذه العلوم-