للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مناسبة البدء بالطهارة هو أنَّ الأحاديث الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيان شعائر الإِسلام بُدِئَتْ بالصَّلاة، ثم بالزكاة، ثم بالصوم، ثم بالحج، وكما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد (١٠٠٩) وأبو داود (٦١) والترمذي (٢)، وابن ماجه (٢٧٥)؛ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "مفتاح الصلاة الطهور"، والمفتاح شأنه التقديم على ما جعل مفتاحًا له، فصار المناسب هو البدء بالطهارة؛ لأنَّ الطهارة من الحدث والخبث من شروط الصلاة، وشرط الشيء يسبقه.

وقال الغزالي في الإحياء: قال الله تعالى: {لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال، الآية: ١١].

وروى مسلم (٢٢٣) عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الطهور شطر الإيمان".

والطهارة لها أربع مراتب:

الأولى: تطهير الظاهر من الأحداث والأنجاس.

الثانية: تطهير الجوارح من الجرائم والآثام.

الثالثة: تطهير القلب من الأخلاق المذمومة.

الرابعة: تطهير السرِّ عما سوى الله تعالى.

وهذا هو الغاية القصوى لمن قويت بصيرته فسَمَت إلى هذا المطلوب، ومن عميت بصيرته، لم يفهم من مراتب الطهارة إلاَّ المرتبة الأولى.

والأصل: أنَّ الطهارة تكون بالماء؛ ذلك أنَّه أحسن المذيبات، فكل المواد تذوب فيه، وقوَّة تطهيره ترجع إلى بقائه على خلقته الأصلية؛ فإنه إذا خالطه ما غيَّر مسماه، ضعُفَتْ قوة إزالته وتطهيره؛ لأنَّه يفقد خفته ورقته وسيلانه ونفوذه.

<<  <  ج: ص:  >  >>