لما فرغ المؤلف من بيان العبادات، التي يقصد منها الثواب الأخروي، شرع في بيان المعاملات التي يقصد منها التحصيل الدنيوي، فبعد أن جاء بالعبادات؛ لأهميتها، ثنَّى بالمعاملات؛ لأنَّها ضرورية، وأخَّر النكاح؛ لأنَّ شهوته متأخرة عن الأكل والشرب ونحوهما، وختم بالجنايات والمخاصمات؛ لأنَّ وقوع ذلك -في الغالب- إنما هو بعد الفراغ من شهوة البطن والفرج.
والبيوع: جمع بيع، والبيع مصدر، والمصادر لا تجتمع، لكن جمع لملاحظة تعدد أنواعه، واختلافها.
وهو لغةً: أخذ شيء وإعطاء شيء، فهو مشتق من الباع، الذي يمد إما عندما يعقد الصفقة، أو عند أخذ المعقود عليه من الثمن، أو المثمن.
وهو شرعًا: مبادلةُ مالٍ بمالٍ لقصد التملك، بما يدل عليه من صيغ العقد القولية، وما يدل عليه من الفعل، وهو جائز بالأصول الأربعة.
١ - الكتاب: قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥].
٢ - السنة: قال -صلى الله عليه وسلم-: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" [رواه البخاري (٢١٠٨)، ومسلم (١٥٣٢)].
٣ - وأجمع المسلمون على جوازه.
٤ - ويقتضيه القياس: لأنَّ الحاجة داعية إليه، فلا يحصل الإنسان على ما