للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمصالح العباد بإطلاق.

الثالث: إجماعُ العلماء المتقدِّمين من الصحابة والتَّابعين ومَنْ بعدهم؛ ولذلك صيَّروا أفعال النَّبي -صلى الله عليه وسلم- حجَّةً للجميع في أمثالها.

[القياس يدل على عموم الأحكام ولا خصوصية للصوفية]

وهذا الأصلُ المتقدِّم يتضمَّن قواعدَ عظيمة:

منها: أنَّه يعطي قوَّةً عظيمةً في إثبات القياس على منكريه؛ مِنْ جهة أنَّ الخطابَ الخاصَّ ببعض الناس يَعُمُّ أمثالها من الوقائع.

ومنها: أنَّ كثيرًا ممَّن لم يتحقَّق بفهمِ مقاصد الشريعة يَظُنُّ أنَّ الصوفية جرَتْ على طريقةٍ غير طريقة الجمهور، وأنَّهم امتازوا بأحكامٍ غيرِ الأحكام المبثوثة في الشريعة، مستدلِّين على ذلك بأمور مِنْ أقوالهم وأفعالهم.

[أحكام العادات]

العادات المستمرَّة ضربان:

أحدهما: العاداتُ الشرعية التي أقرَّها الدليلُ الشرعيُّ أو نفاها.

ومعنى ذلك: أنَّ الشرع أمَرَ بها إيجابًا أو ندبًا، أو نهى عنها كراهة أو تحريمًا.

الثاني: العاداتُ الجارية بين الخلق بما ليس في نفيِهِ ولا إثباتِهِ دليلٌ شرعي.

فالأوَّل: ثابتٌ أبدًا؛ كسائر الأمور الشرعية، كما قالوا في سَلْبِ العبد أهلية الشهادة، والأمرِ بإزالة النجاسة، وسَتْرِ العورة، وما أشبه ذلك من العوائد الجارية في النَّاس، إمَّا حسنة عند الشَّارع، أو قبيحة؛ فإنَّها من جملة الأمور الدَّاخلة تحت أحكام الشرع، فلا تبديل لها، ولا يصح أنْ ينقلب الحسن فيها قبيحًا ولا القبيح حسنًا.

وأمَّا الثاني: فقد تكونُ تلك العوائدُ ثابتةً، وقد تتبدَّل، ومع ذلك فهي أسبابٌ لأحكامٍ تترتَّب عليها، فالثابتةُ: كوجود شَهْوةِ الطعامِ، والوقاعِ، والنظر، والكلام، وأشباه ذلك، والمبتدِّلة: منها ما يكون متبدلاً في العادة من

<<  <  ج: ص:  >  >>