للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أمثلته: أن من تيَّقن الطهارة وشكَّ في الحدث، فالأصل الطهارة، والعكس بالعكس؛ فمن تيقَّن الحدث وشكَّ في الطهارة، فالأصل الحدث، وهكذا في جزئيات المسائل.

وهو مستمدٌّ من نصوص كثيرة، منها الحديث الصحيح أنه شُكِيَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يجده الرجلُ وهو في الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا" [متفق عليه]، فمن تيقَّن أمرًا من الأمور، استصحبه حتى يتيقَّن زواله.

وهذه القاعدة جزءٌ من القاعدة السابقة: "اليقين لا يزول بالشك".

القاعدة التاسعة عشرة: (البيِّنة على المدَّعِي، واليمين على المدَّعَى عليه):

هذه القاعدة: نص حديث شريف، الجملة الثانية منه في الصحيحين، وهي: "اليمين على المُنكِر"، وأما الجملة الأولى، فهي من رواية البيهقي.

المعنى: البيِّنة عند بعض الفقهاء هي الشهادةُ، ولكنَّها عند المحقِّقين منهم هي: كل ما أبان الحقَّ وأظهره.

المدَّعي: من إذا ترك دعواه، تُرِكَ.

المدَّعَى عليه: هو مَن إذا ترك طَلَبَ دعواه، طُلِبَ وأُحْضِر.

وهذه القاعدة النبوية يؤيِّدها العقل؛ لأن الأصل براءة الذمة، فمن ادَّعى شيئًا وأنكره المدَّعى عليه، فعلى المدَّعي إثباتُهُ بطريقة أو أكثر من طرق الإثبات، وإن عجز، فليس له إلاَّ يمينُ المدَّعَى عليه.

وقد أجمع أهل العلم على هذا الأصل العظيم، واعتبروه قاعدةً يرجع إليها في فَضِّ المنازعات، حتى قال بعض العلماء: إن هذه القاعدةَ هي المرادة من قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠)} [ص: ٢٠] والله أعلم.

القاعدة العشرون: (إذا قويت القرينة، قدِّمت على الأصل):

الشرح: الاعتبارُ الشرعيُّ هو تقديمُ الأصل وَنَفْيُ ما عداه، لكن قد تَقْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>