هذَيْن الأصلين كليهما؛ فإن فُقِدَا أو فُقِدَ أحدهما في العبادة، فهي مردودة.
ومن أدلة هذه القاعدة: قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥]، وقوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحشر: ٧]، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات"، وقوله عليه الصلاة والسلام:"من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو ردٌّ"، وغير ذلك من النصوص؛ فأعمالُ المرائين وأعمالُ المبتدعين باطلة.
وهذه القاعدة كما أنها تشمل جميع العبادات فإنها أيضًا تشمل المعاملات؛ فأي عقدٍ أو شرط ليس على وفق الشرع، فإنه محرَّم باطل.
[فائدة]
قال الشيخ مصطفى الزرقا:
لا تنحصر العقودُ في المعاملات المعروفة في صدر الإِسلام من بيع، وإجارة، وهبةٍ، ورهنٍ، وشركةٍ، وصلحٍ، وقسمةٍ، وإعارةٍ، وإيداع، وسائر العقود الأخرى؛ فيباح للناس إيجادُ أنواع أخر من العقود غير داخلةٍ في أحد الأنواع السابقة، فيمكنهم أن يتعارفوا على أنواع جديدة إذا دعتهم حاجتهم إلى نوعٍ جديدٍ متى توفَّرتِ الأركان العامَّة التي تعتبر من النظام العامِّ في الإِسلام، بحيث لا يخالفُ العقدُ قواعدَ الشريعة التي عبَّر عنها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقوله:"كل شرطٍ ليس في كتاب الله تعالى، فهو باطل"، والله أعلم.
وفي صباح يوم الأربعاء الموافق ٢٦ من شهر ربيع الأول عام ألف وأربعمائة وعشرة تمَّت هذه المقدِّمة الثالثة، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.