للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنصوص لما تقدم كثيرة في الكتاب والسنة، ومنها قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: ٢٣]. الآيات.

وقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥٣)} [الأنعام: ١٥١ - ١٥٣].

فهذه الآيات الكريمات من سورة الإسراء ومن سورة الأنعام وغيرها من الآيات جمعت الأمر بكل خيرٍ، والنهي عن كل شرٍّ، وقد قال بعض المصلحين: إن الإِسلام مبنيٌّ على "تحقيق المصالح ودرء المفاسد" وهو هذه القاعدة.

القاعدة الخامسة والعشرون: (إذا تزاحمتِ المصالحُ، قدِّم أعلاها) و (إذا تزاحمت المفاسد، قدِّم أخفُّها):

الشرح: هذان الأصلان الكبيران مِنْ محاسن الشريعة الإِسلامية، ومن سُمُوِّها في أحكامها.

الأصل الأول: إذا تزاحمت المصالح، وصار لا بُدَّ من فعل إحداها، قدِّم الأعلى منها على الأدنى؛ جلبًا للخير مهما أمكن:

ففي العبادات: تقدَّم الواجباتُ على المستحبَّات، وفي الامتثال: تقدَّم طاعة الله على كل أحد، ثم طاعة الوالدين في المعروف على من سواهما، وهكذا الأقربُ فالأقربُ في البر والإحسان.

والعاداتُ يقدَّم منها الأنفعُ على غيره؛ فتقدَّم الأعمالُ المتعدِّي نفعها إلى الخلق على القاصر نفعها.

كلُّ هذا ليغتنمَ المسلم ما هو أجلُّ وأفضلُ وأعلى إذا لم يمكنه الإتيان بالأمرين كليهما: الفاضل والمفضول، قال تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} [الزمر: ١٨].

الأصل الثاني: إذا تزاحمت المفاسد، وصار لابد من ارتكاب إحداها، قُدِّم الأخفُّ على الأغلظ؛ اتِّقاءً للشر مهما أمكن الآمر؛ ولهذين الأصلين أمثلة

<<  <  ج: ص:  >  >>