للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب المُساقاة

مقدمة

المساقاة: من السقي فهي مأخوذة من أهم أعمالها، فحاجة الشجر إلى السقي أكثر من غيره، ذلك أنَّ الماء في جزيرة العرب شحيح، فما كانوا سابقًا يسقون إلاَّ بالنضح، فسميت بأهم وأشق عمل فيها.

وتعريفها شرعًا: أنَّها دفع شجر إلى آخر ليقوم بسقيه، وعمل سائر ما يحتاج إليه، بجزء مشاع معلوم من ثمره.

والأصل في جوازها السنة، والقياس الصحيح.

أما السنة: فمساقاته -صلى الله عليه وسلم-، وخلفائه الراشدين من بعده أهلَ خيبر، بشطر ما يخرج منها من ثمر.

وأما القياس: فإنَّ المساقاة أقرب إلى العدل والحل، فإنَّهما يشتركان في المغنم والمغرم، بخلاف المؤاجرة فإنَّ صاحب الشجر تسلم له الأجرة، وأما المستأجر فقد يحصل له الثمر، وقد لا يحصل.

والمساقاة من المشاركات التي مبناها العدل بين الشريكين، فإنَّ صاحب الشجر والأرض كصاحب النقود التي دفعها للمضارب في التجارة، والعامل الساقي كالعامل المضارب الذي يتجر بالمال، فهما داخلتان في أبواب المشاركات، فالغنم بينهما، والغُرم عليهما.

وبهذا عُلِمَ أنَّها أحلُّ من الإجارة، وأقرب إلى القياس والعدل، ولذا فإنَّها جاءت على الأصل، لا كما زعم بعضهم أنَّها على خلاف القياس، لظنهم أنَّها من باب الإجارات التي يشترط فيها العلم بالعمل والأجرة، فهذا وهم

<<  <  ج: ص:  >  >>